fbpx
الرئيسية » أخبار وطنية » المصري ابن المصري

المصري ابن المصري

 %d8%a3%d8%b4%d8%b1%d9%81

حين كنت متوجها إلى مطعم لطيف ملبيا دعوة غذاء من صديق عزيز لم ألتق به منذ ثلاث سنوات أي منذ حللت في آخر مرة ضيفا بأمريكا، كنتُ اعتقد بأني سأكون في جلسة خاصة نشترك أحاديث خاصة ككل صديقين لم يلتقيا طويلا. لكني حين وصلتُ، وجدتني ضيفا إلى اجتماع عربي مصغرة. لم ينقصها إلا أهل الشام والعراق. فهناك شاب جزائري، وشاب سوداني، وشاب مصري، و شاب فلسطينيو آخر خليجي  .. طبعا وأنا وصديقي المغربيان.

بمجرد وصولنا إلى الطاولة، حتى بادر صديقي الجميع ضاحكا: “ها قد أتى لك الذي ستتفاهم معه. تفاجأت. هل يقصدني؟ ومن يقصد بالكلام من بين هؤلاء؟ وبسرعة هتف أحدهم:  أهلا بأعز الناس ده  المغاربة حبايبنا  فقدم نفسه محمود غريب المصري ابن المصري”.

الآن فهمت، فصديقي يقصد هذا الشاب المصري الرائع الذي عرفت فيما بعد أنه جاء إلى أمريكا لمتابعة الدراسة  في الكيمياء  غير أن القدر الأميريكي ساقه للاستقرار بها . حيت الحاضرين واحدا واحدا؛ البشير الجزائري الذي يعمل طباخا بأحد المطاعم، صلاح السوداني الذي يعمل مهندس كومبيوتر، وطبعا المصري محمود غريب صاحب لازمة “أنا مصري ابن مصري” و   الفلسطيني الامريكي الجنسية لديه محل للاكلات الشرقية و الخليجي جاء للسياحة في امريكا . غير انه كباقي الخليجيين لم يعر لجلستنا أي اهتمام و كان همه الوحيد الرد على رسائل الواتساب, هيئوا لي مكانا بين المصري والسوداني، فقلت:

ـ أنا الآن جالس بين دول حوض النيل.

فرد محمود بسرعة، وبلهجة مزاحية :

ـ حوض النيل إيه يا عم. ده أنت قاعد في النيل نفسه.

ضحك الجميع، وتشعب الحديث بيني وبينه حول سد النهضة الذي شيدته الحكومة الاثيوبية مما سيؤثر سلبا على الثروة المائية للنيل بمصر،ليؤكد لي أن سد النهضة لن يؤثر على مياه النيل  ثم تحدثنا عن السيسي و عن جمال عبد الناصر، وأعدت عليه قصة أسر قائد القوات الجوية حسني مبارك، و كيف ان الحسن الثاني عند زيارته لمصر خاطب جمال عبد الناصر قائلا ان من تقاليد المغاربة جلب هدية عندما يحلون ضيوفا، وإن هديته لمصر هي بعض الضباط المصريين الأسرى بالمغرب الذين كانوا يحاربون الى جانب القوات الجزائرية… وهنا بالضبط، تدخل الجزائري بجدية:

“خطيونا علينا من السياسة، يروحوا يـ… أمهم هاد السياسيين”.

رد عليه المصري محمود مهدئا:

“ما عليش، ما تزعلش. إحنا مش بنتكلم في السياسة ومشكل المغرب والجزائر. إحنا بس بنتكلم في أفضال مصر، على الأمة العربية . و هاهو  الدليل، مصر كانت بتحارب إلى جانب    الجزائريين”. و ختم ممازحا نعم إنها مصر أم الدنيا و خلص الكلام

نظرت إلى محمود وقلت له: “وكيف تفسر ان تحارب مصر إلى جانب الجزائر ضد المغرب؟ اليس المغاربة عربا؟”

لم يرد، كان الشاب السوداني صلاح أطيب خلق الله، بلهجته العربية الفصيحة قد تدخل: “والله 

العظيم نحن في السودان نحتفظ بجميل أهل المغرب العربي، بفضلهم انتشر الاسلام في

 السودان  .

 هنا تحدث محمود المصري بعين العقل قائلا و الله احنا بنحب بعض ممكن نتنازع في اوطاننا ولكن عند الغربة و الشدائد نساند بعضنا البعض. وهنا تذكر قصيدة الشاعر هشام الجخ أتجمعنا يد الله و تفرقنا يد الفيفا 

فواصل محمود حديثه بحماسة، متحدثا عن أم الدنيا، ولا اعرف كيف امتدت يدي إلى هاتفي، وتوا تذكرت مقالا رائعا لصديقي منير باهي، ظللت اعتبره أجمل ما قرأت له، وهو عبارة عن رسالة إلى وائل الابراشي. اخترت الفقرة الأخيرة، وقاطعت المصري قائلا: اسمع اسمع، هذا صديق لي كاتب مغربي كان نشر رسالة الى وائل الأبراشي، وهو يتفق معك تماما في أن مصر هي أم الدنيا”. فانفرجت اسارير محمود، وقال للجزائري باسما: “اسمع اسمع، الكلام ده مش أنا اللي كاتبو، ولا مصري اللي كاتبو، ده مغربي، اسمع”.

وبدأت اقرأ: ” نعم، لقد تعلّمنا من مصر، تعلّمنا منها أرقى وأنقى ما فيها وأبقى. نعم، إن مصر “أم الدنيا”. ..

وفي  هذه اللحظة بدأ محمود منشرحا و حائرا ليقول و الله العظيم ده احنا بنحبكم حب ربنا   يعلم.. الله يخرب بيت من يحاول تأجيج الفتنة بين الإخوة العرب .

وكأنني أصبت جرحا غائرا في محمود، غرق في صمت حتى كادت عيناه أن تدمعا. فكسر صلاح هذا السكون، وقال بنبرة هادئة: “والله احنا اخوة تجمعنا اللغة والدين و العرق ان شاء الله ربنا يجمعنا و يوحدنا على كلمته”.

ثم جاء الطعام، وبدأنا نأكل ونتبادل الكلام حول كل شيء،

قبل أن نغادر، وقفت أحيي صلاح السوداني على تواضعه وطيبته وحبه للمغرب، ومددت يدي  أما محمود فحييته بحرارة قائلا  “يا محمود اليوم برهنت أن المصري أصيل يحب بلده و لا يتحدث عنها بسوء مهما حصل، أرفع لك قبة احترام رغم مبالغتك في هذا الحب”.

فأجابني بجدية وهو يصافحني: “يا عم،هو د المصري ومصر ام الدنيا”.

فصرخت: “ثاااني”.

وقال لي بهدوء: “بحب مصر، لأن مصري هي أهلي وبناتي

Facebook: Achraf ben jilali

Email: ahmed.achraf1@gmail.com

video-youtube-banner

شاهد أيضاً

اليوسفية: مدينة تُقصى من الذاكرة الإعلامية رغم حضورها في قلب المشروع الفوسفاطي

الواجهة مرة أخرى، تجد مدينة اليوسفية، ذات التاريخ العريق في استخراج الفوسفاط، نفسها خارج التغطية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *