معالي العافي باسم الله عما سلف..
أصدقك القول إن قلت لك: كان من المفروض أن أبعث إليك هذه الرسالة يوم قررت التحالف مع التجمع الوطني للأحرار. كنت سأقول فيها باختصار: سيادة الرئيس، أعلن استقالتي من احترامي و حبي لك.
أي والله يا سيدي، منذ ذلك التاريخ لم تعد لي ثقة فيك، و لا في حزبك، ولا في شعاراتك. منذ ذلك “الزواج المشؤوم” أصبحت أؤمن بأنك لم تعد أنت الذي احترمته، ولن تبقى أنت الذي أحببته. فقد احترمت فيك زهدك في الدنيا، وأحببت فيك استعدادك لرمي المفاتيح إذا انتصر وسخ السلطة على نقاء إيمانك… لهذا انتظرت منك حينها أن ترفض التحالف مع رجل أنت من جعله شيطانا، وصرنا نراه فاسدا انتهازيا لا يستحق البقاء في الساحة السياسية. كنت أنتظر أن تقدم استقالتك وتعلن إجراء انتخابات سابقة لأوانها، ولا تتناقض مع مبادئك دون مبرر شرعي أو أخلاقي. لو فعلتها، لأخرجت الجماهير على الشوارع تؤكد ولاءها لك ولحزبك لمبادئك، وتفضح المؤامرات التي ترمي إلى إسقاطك، ولن تحتاج حينها إلى الانزلاق في جحيم هذا التحالف غير الأخلاقي. لو رفضته لرأيت تعاطفا لا مثيل له. لقد ضيعت فرصة من ذهب لتحقيق أغلبية من ذهب، و لكنها إغراءات الكراسي والمناصب ودفء السلطة جعلتك تخون ثقة الناخبين والمتعاطفين… وأنا واحد منهم.
والآن، لقد تأكد للجميع بالملموس أنكم لازلتم طامعين في المناصب، و كأن هذه الدنيا الفانية هي دنيا الخلود، و تناسيت قول الله عز وجل: “كل من عليها فإن و يبقى وجه ربك ذو الجلال و الإكرام”. حتى أنك جمعت المؤتمرين يوم 28 ماي من هذه السنة ودفعتهم إلى أن يصوتوا لصالحكم، بتأجيل انعقاد المؤتمر الوطني العادي للحزب لمدة سنة من أجل تحملك للمسؤولية في حالة فوز حزبك في الانتخابات .
فإذا خرج المدافعون عنك ليقولوا إن بنكيران لا يطمح في حلاوة السلطة، فلن أصدقهم، لسبب واحد هو أن قرار ترشحكم للانتخابات التشريعية ليوم 7 أكتوبر فيها الكثير من الدلائل على أن حب الكرسي والمنصب والأجرة الشهرية صارت تجري في العروق.
أصبحت تخرج علينا بتصريحات لا يتقبلها العقل والمنطق. وأخطر تصريح في نظري والذي يضرب بالدستور عرض الحائط هو ذلك التصريح المستفز “إلا سيدنا قال لي سير فحالك و الله مانزيد فيها نهار”.
لقد نسيت يا سيدي أن سيدنا مستحيل أن يطلب هكذا طلب، لأنه يحترم شعبه و يحترم اختيارات شعبه. و هذا الشعب المغلوب على أمره هو من انتخبك لتحصل على التعيين الملكي. ألا ترى أن تصريحك هذا فيه إهانة و احتقار للشعب الذي انتخبك، بمعنى أن لا قيمة لاختيار الشعب بعد المصادقة عليه بالتعيين الملكي.
ألم تقدم وعدا خلال مرورك بأحد البرامج على ميدي 1 انك إذا لم تحارب الريع ستقدم استقالتك؟ هل حاربت الريع؟ إذا كان الجواب لا، فلماذا لم تقدم استقالتك؟ تنطبق عليك الآية الكريمة: “كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون”.
لماذا لم يتدخل وزيركم في العدل مصطفى الرميد في ملف عليوة، و رأينا كيف أكرم عليه وزيركم في الحزب مصطفى الخلفي بصفقة قيمتها 220 مليون سنتيم؟
يا سيادة الرئيس لقد ذقت حلاوة السلطة و ذقنا معك مرارة الخذلان..كفاك تشبثا بمنصب زائل، كفاك حبا لملذات الدنيا وأنت الذي جلت بقاع العالم ووصلت إلى أعلى مرتبة يحلم بها أي سياسي في العالم. ارحل عن عالم السياسة واربح دينك. فالسياسة ليست لك. عد إلى ميدان الدعوة و أصلح حركتك المسماة “الدعوة و الإصلاح” التي أصيبت بفيروس الرذيلة. اقض ما تبقى من عمرك بعد عمر طويل إن شاء لله بجانب أولادك و أحفادك فهم في أمس الحاجة إليك أكثر من حاجة الشعب إليك. تمتع بدفء الأسرة فإنها الدنيا فانية.
“يا سيادة الرئيس لا يلدغ المؤمن من الجحر مرتين، أن تخدعني مرة عار عليك وأن تخدعني مرتين عار علي. اليوم أعلن استقالتي من حبي لك، فبدون ذلك لا استطيع أن احتفظ باحترامي لنفسي”.
هكذا قال الصحفي يسري فودة مخاطبا الرئيس مرسي، وهكذا أنا أيضا أقول.
و تقبلوا سيدي فائق الاحترام
Email : ahmed.achraf1@gmail.com/Facebook : Achraf ben jilali