لن نساق الى المحرقة

تمخض الجبل فولد فأرا. هذا هو الاستنتاج الذي انتهى إليه كل من شاهد برنامج قناة فرانس 3 عن الملك محمد السادس. فكل المتدخلين يملكون ملفا أسود، بدءً ببوبكر الجامعي الذي اصطنع سيناريو الحكم عليه بالغرامة دون أن يوضح أن هذه الغرامة نتيجة لمطالبة الصندوق الوطني  للضمان  الاجتماعي  بمستحقاته، حيث تبين أن بوبكر لا يصرح بصحافييه لدى الصندوق، حتى وصلت المستحقات الى 4 451232 درهم… مرورا بأحمد رضى بنشمسي الذي موه المشاهدين عمدا، وخلط بين رقم المعاملات للشركة الوطنية للاستثمار وبين الناتج الداخلي الخام. والمرتشية كاترين غارسي التي اعترفت بأنها طالبت بمبلغ مالي من أجل التوقف عن اصدار كتاب اريك لوران. والمليادير كريم التازي الممول الرئيسي لحركة 20 فبراير الذي عبر عن ضيقه من تدهور الحريات في البلاد، ولم يسأله أحد: هل تعرضت إلى مضايقات، وزج بك في السجون نتيجة نشاطاتك المعادية لاستقرار المغرب؟ وانتهاء بعلي لمرابط الذي تم تقديمه كمنفي باسبانيا، في الوقت الذي أملك فيه وثيقة تثبت بأنه يعيش في تطوان. هذه الوثيقة صادرة عن القنصلية الاسبانية بتاريخ 22 ماي 2015 من توقيع القنصل المغربي ببرشلونة  فارس ياسر، سلمت للمعني بالأمر، وتؤكد بأنه غادر التراب الاسباني بصفة نهائية.

لقد سمعنا قبل البرنامج جعجعة، ولم نر بعد مشاهدته طحينا. بدا واضحا بالنسبة لكل المغاربة ومن خلال المتدخلين وملفاتهم أنه برنامج فاقد للمصداقية، وتعزز هذا بعد ظهور أحد الاسواق الفلسطينية باعتباره سوقا  في مدينة ما من المغرب.
ولعل ما اثارني في تدخلات كل الأسماء التي شاركت طيلة فترات البرنامج، هو سعي كل واحد منهم على أن يلبس عباءة الثوري بل وعباءة أساتذة القانون وهم به جاهلون. لقد انتقد جل المتدخلين صفة القداسة للملك، وهذا مخالف للحقيقة. فعبارة “الملك مقدس” أزيلت من دستور 2011، وتم التنصيص في الفصل 46 من الدستور المغربي على أن شخصية الملك لا تنتهك حرمته، وللملك واجب الاحترام والتقدير. وهذا موجود في أعرق دساتير الدول الديمقراطية. ففي بلجيكا ومن خلال الفصل 88 من الدستور الصادر سنة 1831 والمعدل سنة 2012، نجد أن الملك مصان من كل متابعة و مسؤولية.  وفي دستور إسبانيا الصادر سنة 1978 والذي تم تعديله سنة 2011، نقرأ في الفصل 3 من المادة 56 من الدستور  أن الملك لا تنتهك حرمته، ولا يخضع للمساءلة، و تتم المصادقة دائما على ما يقوم به من أعمال، ولا تنجم عن أعمال الملك غير المصادق عليها آثار قانونية. ولا أدري كيف جهل المتدخلون الذين انتقدوا الصلاحيات التي يمنحها الدستور المغربي للملك أنها هي نفس صلاحيات الملك في دستور اسبانيا الملكية البرلمانية. ففي نفس المادة 56 من الفصل 3 من الدستور نجد مايلي: الملك هو قائد الدولة و رمز وحدتها، ويحتكم اليه فيما يخص تسيير المؤسسات و تنظيمها، كما انه الممثل الأعلى لدولة اسبانيا في العلاقات الدولية و خصوصا في العلاقات مع الامم. اذن، ومن هذه المقارنة يتضح جليا ان المتدخلين بتدخلهم اللامنطقي انما يصفون حساباتهم، ولو بتشويه فصول دستورية مطابقة طبق الاصل لدساتير دول ديمقراطية.
أما عن البرنامج فالمشاهد الفرنسي لم يهتم بمشاهدته و الدليل الأرقام التي أعلنت عنها فرانس 3 حيث صرحت ان 750.000 فرنسي شاهدوا البرنامج مما يعادل اقل من نسبة 1في المائة من ساكنة فرنسا البالغ 66 مليون نسمة

نسيت أن أذكر إن بين المتدخلين مولاي هشام “المنبوذ” ـ كما سمى نفسه في كتابه الصادر سنة 2014 ـ.ر غم أنه يعيش حياة الرغد و اسألوا رواد نادي الجولف  Greenakers بمدينة ترينتون بولاية نيوجيرسي يأتيكم الخبر اليقين،  حيث أغلب رواده من كبار اليهود في العالم غير أن المنبوذ فضل الظهور بصورة الثوري حيث توعد بأن موجة التغيير قادمة لا محالة، وأساسها شباب حركة 20 فبراير. ولعلي لا أجد أبلغ من مقولة صديقي منير باهي ردا على تدوينة عبرت فيها عن توجسي من هذه الإشارة: لا تخف، التغيير لا يرتبط دائما  بقلب نظام الحكم. كل المغاربة مع التغيير، ولكنهم ليسوا قطيعا كي يساقوا إلى المحرقة بأمر من أمير”.