هل كان لزاما علينا انتظار انهيار عمارة سباتة لنجدد التساؤل مجددا عن حجم الفساد و الإهمال الذي يتفشى على صعيد كل عمالات المملكة؟
هل قُدّر على المغاربة أن يستيقظوا على خبر سقوط عدد من الضحايا و الأبرياء تحت الأنقاض كي نبحث عن وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة لنسأله ماذا فعلت؟ وماذا أنت فاعل بنا؟
لقد خرج الوزير نبيل بنعبد الله بتصريح مدهش، ووضح بأنّ ما حدث في حيّ سباتة يوم الجمعة “لا يتعلق بعمارة كانت مهدّدة بالسقوط، حيث أن مالك العمارة حصل على رخصة لتشييد طابقين إضافين بعدما كانت في الأصل عمارة من طابقين فقط، وانتهت عملية البناء منذ مدة ما يجعل سبب انهيارها مجهولا لحد الآن”. انتهى تصريح الوزير، ولم تنته الدهشة.
هذا التصريح يقدّم عذرا أكبر من الزلة نفسها. فهو إضافة إلى أنه يعفي كل المتدخلين من المسؤولية، فإنه ايضا دليل على جهل الوزير أو تجاهله، لأن منح تصريح البناء ليس إجراء لتفادي الكارثة، بل هو أمام انعدام المراقبة المستمرة من اللجان المختصة، وعدم احترام شروط السلامة الضرورية يكون سببا حتميا في وقوع الكوارث.
ونتساءل: أين كانت هذه السلطات عندما قام صاحب هذه العمارة بالإصلاحات؟ هل كانت الفرق المختصة تقوم بواجبها الذي يفرضه القانون؟ هل مهمة السلطات تنهي بمجرد منح رخصة البناء؟
خلال زيارتي لموقع الفاجعة، تلمست من كلام المواطنين أن الفاجعة كانت منتظرة، ومن المنتظر وقوع فواجع أخرى. هناك مناخ من الفساد و المحسوبية التي يمارسها أعوان السلطة دون استثناء يسود المنطقة. وهناك انتهاكات جسيمة ظاهرة للعيان، على الأرض وعلى العمران. ويكفي أن يخرج أي مسؤول من مكتبه، ويتجول بالمنطقة المنكوبة ليرى كيف أن أصحاب المقاهي والمطاعم الشعببة احتلت أزقة بكاملها دون حسيب و لا رقيب، و كيف تجرأ بعض الانتهازيين على اقتطاع جزء من الرصيف العمومي و ألحقوه بمنازلهم… وظواهر فوضوية أخرى لا يمكن أن تتم بعيدا عن أعين السلطات المحلية.
وإن كان من مسؤول أول عن هذه الفاجعة تتوجب مساءلته، فلن يكون صاحب العمارة الذي تم اعتقاله، بل إن هذا الإهمال مرتبط أساسا برأس الإدارة الترابية لعمالة مقاطعات ابن امسيك. فالسيدة خديجة بن شويخ انتشرت في عهدها جرائم التعمير بشكل آثار الكثير من التساؤلات. لا سيما قيام عدد من المواطنين بتحويل بعض من الأزقة إلى محلات تجارية… والزنقة المجاورة لموقع العمارة المنهارة أبرز دليل.
يبدو أن خديجة بن الشويخ و التي كانت تشغل منصب مديرة الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لم تستوعب بعد تعيينها على رأس الإدارة الترابية لعمالة مقاطعة ابن امسيك أن اختلاف المناصب يعني تغيير الاستراتيجيات… فمديرة أكاديمية ليس هو نفس قيمة منصب عامل مقاطعات، لأن هذا المنصب الأخير يتطلب تحركات ميدانية دائمة، وتفرض على صاحبها مراقبة المراقبين، لأن الفساد له امتدادات تراتبية من القمة إلى الأسفل. فأي تهاون من الأعلى لا يمكن إلا ان ينتج عنه تسيبا في الأسفل… يدين الجميع مهما كان موقعهم. وهذا ما حدث وسيحدث.
على خديجة بن الشويخ أن تقدم استقالتها لأن فساد التعمير انتشر كالنار في الهشيم، و هي في دار غفلون.
وعلى القايد و الباشا والمقدمين والشيوخ أن يُقدموا إلى محاكمة، لأن من تسبب في قتل نفس بغير حق فكأنما تسبب في قتل النفس جميعا.
رغم كل هذا الفساد المنتشر على صعيد التعمير، فإننا لا نرفع أصواتنا إلا بعدما تزهق الارواح، فيبدأ البحث عن المسؤولين الذين لم يقوموا بواجبهم، أو نبحث عن شجرة تخفي غاية هذا الفساد، وصاحب العمارة هنا هو الشجرة.
FACEBOOK: Achraf ben jilali
Email: [email protected]