أترك الحكم لكم

اجتاحت أوساط رواد العالم الافتراضي الأزرق موجة من السخط العارم بعد الإعلان عن نجاح  سمية بنكيران نجلة رئيس الحكومة في مباراة التوظيف التي أجرتها الأمانة العامة للحكومة لشغل منصب متصرف من الدرجة الثالثة.

لقد بدا أن الأمر دليل فساد رئيس الحكومة، ودليل على استغلال منصبه لمصلحته الشخصية، وسبب كاف ليتحول السيد عبد الإله بنكيران من محارب للفساد والاستبداد إلى ممارس له أو مستفيد منه.

وبعيدا عن اتهامه بعدم الإعلان عن تاريخ المباراة الذي دحضته صورة عن موقع التشغيل العمومي يشير بوضوح إلى أن الإعلان نشر  يوم 12 ماي 2016، وأن آخر اجل لوضع طلبات الترشيح هو 28 ماي، وتاريخ مباراة التوظيف 12 يونيو 2016، بعيدا عن كل هذا، فإن الحملة التي شنت على بنكيران وابنته أراها ظالمة.

سمية بنكيران الابنة الثالثة لرئيس الحكومة حاصلة على الماستر من  دار الحديث الحسنية و الماستر في الحقوق. عند زواجها  كان زوجها كأغلب الشباب المغاربة قد وجد صعوبة في إيجاد عمل، فسافر إلى ألمانيا بحثا عن شغل، وفي بعض الأحيان كان يلجأ إلى المبيت في احد  المساجد هناك. عند رجوعه إلى المغرب اشتغل في و ظيفة بسيطة في شركة , وهو الآن يعيش رفقة زوجته سمية  في منزل عبد الاله بنكيران.

سمية بعد عودة زوجها إلى المغرب، كانت تقوم بأنشطة ترفيهية للتلاميذ من أجل توفير لقمة عيش. كل هذه الأحداث التي عاشتها سمية و زوجها كان والدها يمارس مهامه كرئيس للحكومة.

أنا هنا لست مدافعا عن سمية( أم رائد و زينب) أو السيد عبد الإله بنكيران، لكني لم أرتح لعملية الكيل بمكيالين في التعامل مع هذا النوع من الأمور. فإذا أردتم بعض نماذج استغلال النفوذ من بعض الوزراء، إليكم هذه الأمثلة:

أولا، إبراهيم الفاسي الفهري نجل المستشار الملكي الطيب الفاسي الفهري، بعد عودته من كندا انشأ معهد أماديوس، كان والده يشغل حينها وزيرا للخارجية. فبمجرد تأسيس هذا المعهد تسخرت كل إمكانيات الوزارة للفتى المدلل، والدعوات التي كانت توجه لكبار الضيوف من رؤساء دول ووزراء خارجية كانت تتم عبر القنوات الدبلومسية للوزارة، وتنقلات سيادة الرئيس المدلل إلى خارج الوطن كانت تتم بتنسيق مع سفراء المملكة. أما عن المحتضنين فحدّث ولا حرج، المكتب الوطني الشريف للفوسفاط، البنك الشعبي، المغرب للتصدير، مجموعة أخنوش، الخطوط الملكية المغربية، واللائحة طويلة.

ثانيا: الأمين العام السابق لحزب الاستقلال محمد بوستة حين كان و زيرا للخارجية قام بتوظيف أغلب أفراد عائلته بسلك الوزارة، ومن شدة سخائه قام بتعيينهم في مناصب خارج المغرب. واسألوا موظفي السلك الدبلوماسي بالخارجية المغربية عن ال بوستة الموظفين بسلك الخارجية يأتوكم بالخبر اليقين.

ثالثا: خولة لشكر ابنة الزعيم الاتحادي الاشتراكي البالغة من العمر 25 سنة،  استفادت بدورها من موقع والدها للحصول على وظيفة في صندوق الإيداع و التدبير. فابنة الزعيم تشغل منصب نائبة للمدير المكلف بالتخطيط المالي في السي دي جي. وقبل هذا المنصب عينت في مؤسسات حساسة كبنك المغرب و البنك المغربي للتجارة الخارجية, قطعا، لن أسقط على خولة حق المواطنة وحقها في التشغيل، ولكن لا أحد يعلم المعايير التي بموجبها التحقت ابنة الزعيم بهذا السلك الوظيفي عكس معايير توظيف سمية الواضحة.

رابعا: الوزير الفعفاع صلاح الدين مزوار، استغل منصبه جيدا حيث طلب وساطة وزير الخارجية الفرنسي من اجل إدماج ابنته سارة مزوار داخل إحدى الشركات الفرنسية المتخصصة في الدراسات و الاستشارات، و الحصول على ترخيص للعمل بفرنسا. وقد تأتى له ذلك، حيث بعث وزير الخارجية الفرنسي برسالة إلى نظيره المغربي يبشره فيها بأن سارة مزوار بإمكانها الالتحاق بعملها، متمنيا لها مشوارا مهنيا متميزا. 

 خامسا: الوزير المنتدب المكلف بالتجارة الخارجية محمد عبو، و خلال مشاركته بمؤتمر منظمة التعاون الإسلامي بتركيا اصطحب معه ابنته كاميليا، ومنحها صفة مستشارة رغم أنها لازالت طالبة في احد المعاهد الخاصة. وتجدد ذلك عند سفر سيادته للسعودية من اجل افتتاح الجناح  المغربي للمعرض التجاري  للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي حيث كانت برفقته ابنته المستشارة و زوجته.

قد يعتقد البعض أني من مؤيدي العدالة و التنمية، و أن مقالي هو بمثابة دعاية إعلامية له والله يعلم مواقفي و مؤاخذاتي على حزب المصباح وقيادييه بعض  مواقفهم السياسية  ، ويعلم أيضا كم  أكن احتراما كبيرا لعبد الإله بنكيران زهده و نظافة يده.

بين سمية خريجة دار الحديث الحسنية وكلية الحقوق، و بين إبراهيم الفاسي الفهري خريج أحد المعاهد الكندية وكاميليا عبو وسارة مزوار وال بوستة… فرق كبير، لكني أترك الحكم لكم.