بقلم: رشيد أسارة
وأنا أتابع عبر شريط الفيديو التصريحات الأخيرة التي أطلقها أب خولة المتعلقة بالحادث الذي وقع بينها وبين الفنانة بوطازوت، أصبت بحالة من الصدمة والإحباط في نفس الآن، لم أكن أتصور أن يخاطبنا والدها بهذه الطريقة حيث يأمرنا بإغلاق أفواهنا..
قصتي مع والدة خولة ابتدأت حين اتصل بي بعض الأصدقاء الجمعويين، والتمسوا مني في البداية بضرورة المؤازرة الإعلامية للشابة الخولة على اعتبار أنها أصبحت متورطة في قضية اعتداء خطير على الفنانة بوطزوت.. أمام دار الشباب التقيت والد خولة، كان في وضع مهزوم لا يعرف ما يقدم أو يؤخر في قضية ابنته، بعدما تبادلنا أطراف الحديث واستقينا جميع الشهادات وجمعنا العديد من المعلومات، تبين لنا فعلا أن المسألة تتعلق بتبادل الضرب والجرح.
رغم حرصي على طمأنته بأن العدالة ستأخد مجراها وانطلاقا من الشهادات المتوفرة يمكن أن تكيف القضية في اتجاه تبادل الضرب والجرح، لكن الأب كان مسكونا في البداية بمعرفة مصير ابنته.
حملته على سيارتي وانطلقت به صوب المنطقة الأمنية أناسي، ما إن وصلنا حتى اتصلت به زوجته وأمرته بأن يعود أدراجه صوب الدائرة الأمنية التشارك، حيث أخبرها أحد رجال الشرطة حسب تصريحها أن الشابة خولة المعتقلة تم إعادتها إلى الدائرة.
بالدائرة الأمنية التشارك لم نعثر على خولة، كان الأب حينها في قمة الارتباك، لهذا وكي أهدئ من توتره، أخذت هاتفي النقال واتصلت بأحد رجال الأمن الذي أخبرني أنها متواجدة بأناسي، حيث طمأنني على الحالة الصحية لخولة، بعدها استدعيت عددا من الزملاء الإعلاميين قصد التغطية الصحافية، وبعض الوجوه الجمعوية بمنطقة التشارك قصد المؤازرة.
بدأت الأمور في البداية بشكل جيد، حيث كانت تسير في الاتجاه الذي كنا نبغيه، واشتدت حملة المؤازرة، وأصبح الناس يطلعون على مختلف الحقائق المتعلقة بالنزاع، ونضاف إلى سلسلة المتضمنين بعض الفنانين الكبار، وتحول التضامن إلى الدعوة لمقاطعة جل الأعمال الفنية لبوطازوت، وأمام هذه الحملة الفيسبوكية الشرسة استشعرت بوطازوت بالخطر، حيث رأت أن مستقبلها الفني قد يتهاوى أمام عنادها، فتحركت بسرعة وبعثت في الصباح المبكر بسيارة خاصة إلى العائلة وأعطتهم تعليماتها الخاصة بعدم تقديم مزيد من التوضيحات للصحفيين، أو الرد عليهم هاتفيا، وخرجت بوطازوت بعد ذلك على المواقع الإلكترونية بفيديوهات، تعلن عن طي صفحة هذا النزاع وإعلان الصلح، أما والد خولة فقد فاجأنا بإلقاء اللوم على جميع من ساندوه، بأن يقفلوا أفواههم.
قد نكون جاحدين إن رفضنا عقد الصلح بين الناس، ولكن كنا نتمنى أن يكون صلحا مبنيا على أسس متينة من خلال اعتراف كل طرف أنه أخطأ في حق الآخر، فبوطازوت أخطأت هي الأولى بكبريائها وعدم احترامها للصف وتبادل الضرب كما هو موثق في محاضر الاستماع للشابة خولة، هذه الأخيرة هي بدورها أخطأت من خلال تبادل العنف مع بوطزوت، لذلك كان لزاما إيضاح هذه النقطة بين الطرفين والتسامح، فأن تظهر بوطزوت في وسائل الإعلام بمظهر المظلومة التي تلقت اعتداء مجاني والمرأة المتسامحة في آخرالمطاف، في حين قدمت خولة على أساس أنها المعتدية، فهذه ليست هي الحقيقة، فنبل التسامح يكون مبني على قول الحقيقة والاعتراف، ولا تسامح طالما أنه غير صحيح ولا يطابق الحقيقة.