الرئيسية » آراء » إطعام الأفعى العسل لن يغير من طبيعتها المسمومة

إطعام الأفعى العسل لن يغير من طبيعتها المسمومة

هكذا الجزائر… لن تتغير

فضيحة جديدة تضاف إلى سجل النظام العسكري في الجزائر، نظام تعود على الكذب حتى أصبح يمارسه على الأحياء قبل الأموات، وعلى الضيوف قبل الأشقاء، وعلى الإعلام قبل الشعوب. نظام فاشي لا يتقن سوى التضليل، ولا يعرف للديبلوماسية سوى التزوير والركاكة.
يوم أمس 6 يونيو 2025 كان وزير خارجية غانا، صامويل أوكودزيتو أبلاكوا، رفقة نظيره المغربي ناصر بوريطة، وهما يوقعان على الإعلان المشترك الذي تدعم من خلاله أكرا مغربية الصحراء، نفس الوزير الذي صرح عن دعم مغربية الصحراء يوم أمس نسب إليه قصر مرداية يوم 30 ابريل 2025 وفق ما أعلنته الرئاسة الجزائرية حينها، والذي لا زال منشورا إلى غاية اليوم فإن تبون استقبل وزير الخارجية الغاني، في لقاء حضره أيضا بوعلام بوعلام مدير ديوان رئاسة الجمهورية، وأحمد عطاف وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والإفريقيةو نشرت حينها وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية على نشر قصاصة جاء فيها أن الجزائر وغانا دعتا “لحل سياسي لقضية الصحراء الغربية يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير وفق القانون الدولي”، بينما أوردت وكالة الأنباء الخاصة بـ”البوليساريو” أن “الجزائر وغانا تؤكدان دعمهما لحل سياسي عادل يضمن للشعب الصحراوي حقه في تقرير المصير”، زاعمة أن الأمر مُضمَّن في بيان مشترك بين الوزير الغاني ونظيره الجزائر أحمد عطاف
نفس السيناريو الفاشل تكرر خلال استقبال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لنظيره الرواندي بول كاغامي، وخلال ندوة صحفية مشتركة، تحدث تبون عن فحوى اللقاء، مشيرا إلى أنهما تباحثا في قضية “الصحراء الغربية” و”الشعب الصحراوي”، على حد زعمه. ما لم يعلمه الرئيس الجزائري أو تجاهله عن عمد –أن ضيفه سيسقط هذا الادعاء بنزاهة وهدوء.
الرئيس الرواندي، عبر حساباته الرسمية، نشر تفاصيل اللقاء كاملة، ولم يشر لا من قريب ولا من بعيد إلى قضية الصحراء. كل ما ورد هو تأكيد على تعزيز التعاون الاقتصادي وفتح سفارة رواندية في الجزائر. الكذبة الجزائريّة سقطت أمام العالم، والفضيحة أصبحت مكشوفة. حتى إخراج الندوة كان مرتبكا، حيث تعمد مخرج التلفزة الجزائرية عدم إظهار ملامح الرئيس الرواندي، وكأن النظام كان يعلم أن ما يقال لا يمثل الحقيقة.
وفي نفس توقيت الزيارة، أعلنت المملكة المتحدة موقفها الواضح من قضية الصحراء المغربية، باعترافها بمبادرة الحكم الذاتي كـالحل الأنسب والواقعي لهذا النزاع المفتعل منذ عهد المقبور بومدين. هنا جن جنون النظام الجزائري، وخرج كعادته ليمارس هوايته المفضلة: التناقض.
فمن جهة، تصدر الخارجية الجزائرية بلاغا تعرب فيه عن أسفها للموقف البريطاني. ومن جهة أخرى، تقول إن المملكة المتحدة لم تعرب عن دعمها للسيادة المغربية، وكأن الاعتراف بمبادرة الحكم الذاتي لا يعني شيئا، أو كأن العالم لا يفهم قواعد الديبلوماسية.
هذا الارتباك ليس جديدا على النظام الذي يدعي أنه ليس طرفا في النزاع، سبق أن سحب سفيره من إسبانيا وفرنسا عندما أعلنتا دعم مبادرة الحكم الذاتي. أي عبث ديبلوماسي هذا؟ كيف تد عي الحياد، ثم تحتج على قرار سيادي تتخذه دولة أخرى في علاقة مع دولة صديقة ؟!
لا تفسير لهذا سوى أن الجزائر أصبحت الناطق الرسمي باسم ميليشيا البوليساريو.
ومع ذلك، يبدو أن النظام الجزائري قد تعلم درسا من فضائح سابقة، فاختار هذه المرة أن لا يسحب سفيره من لندن، حفاظا على ما تبقى من ماء وجهه، أو على الأقل خشية أن يتحول انسحابه إلى نكتة جديدة تضاف إلى سجلات العبث السياسي في قصر المرادية.
ولفهم هذه الممارسات لا بد من التوقف عند السياق التاريخي للمؤتمرات والمنتديات التي اعتادت الجزائر استغلالها لزرع ضد المغرب .
منذ عقود، تحولت الجزائر إلى منصة دعائية منظمة ضد المملكة، سواء داخل القارة الإفريقية أو في المحافل الدولية، لا تضيع فرصة إلا وتستغلها لتكريس أطروحتها الانفصالية، حتى وإن كلفها ذلك تقويض مصداقية المناسبات نفسها، غير أن الواقع أكدت مما لا يدعو للشك أن كل المؤامرات تبقى حبيسة وكالة الأنباء الجزائرية و القنوات و المواقع التابعة للعسكر و لنظام الكابرانات، كل المواقف انقلبت لصالح المغرب
أحد أبرز هذه المشاهد حدث خلال بطولة إفريقيا للاعبين المحليين (الشان)، حينما فوضت الجزائر حفيد نيلسون مانديلا لإلقاء خطاب سياسي صادم، قال فيه إن “الصحراء آخر مستعمرة في إفريقيا”. كان ذلك اختراقا خطيرا لروح البطولة الرياضية وتحويلا لها إلى منبر عدائي، ما كشف نية الجزائر في توظيف الرمز والاسم والتاريخ لخدمة أجندتها الخاصة.
لكن حكمة المغرب كانت في صمته الرسمي المهيب، والصمت هذا لم يكن ضعفا بل كان ردا ذكيا لمخطط دنيء.

الجماهير المغربية، وتحديدا أنصار نادي الرجاء البيضاوي، لم تسكت، فقد رفعت لافتة ضخمة كتبت فيها رسالة موجهة إلى مانديلا الصغير حملت إسقاطا قويا يذكره بأن آخر مستعمرة في إفريقيا ليست الصحراء، بل أورانيا، المدينة التي لا يزال فيها الفصل العنصري قائما في بلده. اللافتة التي رفعت في ملعب محمد الخامس كانت كافية لتجعل وسائل الإعلام الدولية تتحدث عن جمهور الرجاء، و لتدفع العالم للبحث عن أورانيا، فاكتشف الجميع أن من يحاضر في الاستعمار، يعيش هو نفسه في ظل نظام التمييز العرقي.
الحديث عن هذه الدولة الحار يذكرنا بحكمة تعلمناها في الصغر و التي تقول أن الأفعى حتى لو أطعمتها عسلا فإنها لن تغير طبيعتها، ولن تثمر إلا سما. هي مجبولة على اللدغ، وعلى الغدر، وعلى نكران المعروف. هكذا كانت الجزائر، وهكذا ظل نظامها؛ كلما قدّم لها المغرب يدا ممدودة للسلام، قابلتها بلسعة غادرة، وكلما أبدى حسن نية، ردت عليه بالدسيسة والمكر.
لقد خُيل إلينا أن المبادرات و النيات الطيبة قد تغير طبع الأفعى، لكنها لم تفعل. لأن الطبع لا يغيره الإحسان، ولا يطفئ سمه العسل.
هكذا الجزائر… لن تتغير

شاهد أيضاً

عبد الفتاح موفق يعبر عن عميق شكره للدكتور محمد الغالي عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية بقلعة السراغنة

صدرت تغريدة للسيد عبد الفتاح موفق مهتم بالشأن العام بإقليم قلعة السراغنة عبر من خلالها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *