ردا على تدوينة شيخ إقليمي بحزب يدعي المرجعية الإسلامية
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد،
فقد وقفتُ اليوم على تدوينة كتبها شيخ المصباح قيدوم المنتمين لحزب يدعي المرجعية الإسلامية بقلعة السراغنة ومرجعهم الذي يدق سنه وسننا على المثول بين يدي رب العزة، وهو الذي عرفتُه يومًا صاحب لسان يفيض بالإستدلال بالآيات والأحاديث التي كانت سندا لكل حركاته وسكناته حسب الظاهر منها، فكان سببًا في انتمائي لحزبه الذي هجرته سنة 2009 حينما تبين لي بالواقع لا بالشعارات أن المرجعية لم تكن دوماً كما وُعدنا، وأن أغلب المجالس كانت تسقي الحضور بالسم والغيض لتصرفها في مداشرها – جماعات الإقليم – امتثالا لتوجيه الشيخ وسعيا لإرضائه وجهلا منها لأحكام الدين.
وقد آلمني أن أقرأ من كاتب التدوينة، الذي كان لي فيه أسوة، كلمات تنضح بالتأليب وزرع الفتنة، وتُلبِس الأحداث لبوسَ النضال والمظلومية، في حين أن ظاهرها يحمل رسائل سياسية مبطّنة، هدفها تشويه من أفنوا أعمارهم في خدمة الناس، من أمثال السيد عبد الرحيم واعمرو، الرئيس السابق لجماعة سيدي رحال، وأحد أبرز رجالات التنمية في الإقليم، ممن لا نزكيهم على الله، ولكننا نذكر فضلهم ونشهد به، لقوله ﷺ:
“مَنْ لا يَشْكُرُ النَّاسَ لا يَشْكُرُ اللهَ” [أبو داود].
أولاً: في الرد على المخالفات الشرعية للتدوينة
زرع الفتنة وتشويه الصالحين
يقول الله تعالى:
“وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا” [الأحزاب: 58] ما جاء في التدوينة من وصف مدينة سيدي رحال بأنها كانت “إقطاعية” مغلقة واتهام غير مباشر لمنتخبين وممثلين شرعيين في فترة معينة بأنها كانت تمنع العمل المدني، هو تعميم ظالم، يحمل في طيّاته إساءة لصورة من خدموا في هذه المؤسسة، وهو لون من ألوان البهتان والتشويه المبطن، وتناسى صاحب التدوينة أن المعنيين بالمنع في بعض الحالات كانوا هم الإقطاعيين بالفعل بسبب شحنات شيخهم الظلامية وكنت لأكون واحدا منهم لولا لطف الله بانسحابي من الحزب.
المزايدة باسم النضال وادّعاء المظلومية
قال النبي ﷺ:
“من يخالط الناس ويصبر على أذاهم، خير ممن لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم” [ابن ماجه].
التدوينة تروّج لفكرة أن التغيير جاء حصراً من فاعلين “مناضلين”، وكأن من كانوا في مواقع المسؤولية لم يبنوا حجرة، وهذا تزييف للحقيقة، وإيهامٌ بأن المكاسب لا تكون إلا من طرف جهة دون أخرى، مع أن الإصلاح لا يُحتكر، والتغيير لا يتم بالمزايدات بل بالتكامل والتعاون، والميدان شاهد على نفسه كيف كان قبل واعمرو وخلال وبعد تدبيره.
تحقير السابقين في المعروف
قال تعالى:
“وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ” [البقرة: 237] إن ما كتبته يا شيخ لا يليق بمن يفترض أنه يحمل مرجعية إسلامية، إذ تجاهل فضائل السابقين وأعمالهم، وكأن المدينة لم تعرف إلا الظلام حتى “استيقظت” بتدوينته! وهذا تنافٍ مع الخلق الإسلامي في رد الجميل وعدم جحود المعروف.
ثانيًا: في الإشادة بعبد الرحيم واعمرو وأثره الطيب
أشهد، وأنا الذي عرفته عن قرب، أن السيد عبد الرحيم واعمرو لم يكن يوماً خصماً للدين كما شحننا مقر المصباح سلفا، بل وجدته دائم الذكر، كريم النفس، محباً لأهل القرآن، حريصاً على مجالس الذكر. وقد حضيت بفرص كثيرة لقراءة القرآن في بيته، وشهدت ختمات كتاب الله فيه، ناهيك عن فضله في إصلاح البلاد والنهوض بها على مر السنين حتى صرت تمشي بين الأزقة ولا تجد موطئ قدم من تراب، إضافة إلى مداخل المدينة المشرفة والأغراس التي أبهجت المدينة في فترته وماتت أغلبها بعد فترة تدبيره والقائمة طويلة……
وسأختم بالقول في حقه أنه كان، ولا يزال، من أهل الكرم والحياء، وحسن الاستماع، وتيسير الأمور للناس، دون تمييز أو إقصاء باستثناء من شرهم يجعلك تكره التدبير وما يجاوره، فنحن بشر ولكل منا ردة فعل، لكن المرء نقيمه بما يغلب عنه وليس بما قل فيه.
قال ﷺ:
“الخلق الحسن يذيب الخطيئة كما تذيب الشمس الجليد” [الطبراني]
ولو لم يكن له من الفضل إلا صبره في وجه الأكاذيب والاتهامات، لكان له بذلك أجر عظيم.
ثالثًا: دعوة إلى الكلمة الطيبة والتنافس في الخير
الأصل يا شيخ أن لا ندعو إلى الصراع، بل إلى التنافس في خدمة البلاد والعباد، دون تحقير ولا فتنة، وأنت تعلم أنك مسؤول أمام الله عن أي كلمة تكتبها أو تنطقها، ففي عالم السياسة، الكلمة ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي أداة ذات تأثير بالغ على النفوس والمواقف. قد تكون كلمة واحدة من رجل السياسة سببًا في بناء آمال أو هدم طموحات. ومن بين الأتباع من قد تدمره نفسيًا لتقته العمياء في كلامك، الشيء الذي يبرز أهمية اختيار الكلمات بدقة، وإن كنت واقعيا مع نفسك ستحصي عدد مهما بمدينة سيدي رحال ممن تدمروا بخطابك لأنك لقنتهم دروسا صورت لهم واعمرو على أنه أسوأ ما أنجبت الأمهات وجعلتهم يخوضون حربا ضروسا لسنوات دون جدوى، وطريق الوصول سياسيا أقصر من ذلك.
وكي تفهم أكثر موضوع أهمية اختيار الكلمات ففي الاتحاد السوفيتي، ألقى نيكيتا خروتشوف خطابًا سريًا في عام 1956، حيث انتقد فيه بشدة ستالين وسياساته القمعية. هذا الخطاب، الذي كان مفاجئًا للكثيرين، أدى إلى صدمة نفسية لدى العديد من المواطنين، خاصة في جورجيا، مسقط رأس ستالين، حيث اندلعت احتجاجات دامية. بالإضافة إلى ذلك، فقد أثار الخطاب انقسامات داخل الحزب الشيوعي، مما أدى إلى تدهور العلاقات بين الاتحاد السوفيتي ودول أخرى مثل الصين وكوريا الشمالية.
وعليه فنتائج كلماتك تاريخيا اتجاه الرجل وتوجيهك للمريدين كانت دامية والأدلة في شهادتك بتدوينتك مما يستدعي مراجعة مواقفك وخطابك لعدم تكرار تجربة فاشلة خاصة مع تقدم سنك الذي يستدعي الحكمة والسمو في المواقف.
قال الله تعالى:
“فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ” [البقرة: 148]
فلنتنافس في البناء، لا في الهدم، في إصلاح المجتمع، لا في شحنه ضد بعضه.
وخلاصة القول: إن ما جاء في التدوينة لا يُعبّر عن روح إصلاحية شرعية، بل يعكس ضيق أفق سياسي، مغلف بلغة النضال، يسعى إلى تقسيم المجتمع وزرع الشكوك في جزء ثاني لشريط سياسي الغاية منه محاولة التوسع واستقطاب مرضى القلوب لاستثمارهم في محاولة حصد بعض الأصوات في محطات سياسية مقبلة.
وأختم ردي بسر – مفاده أن استقالتي من حزبك وانتمائي لواعمرو سببه وقوفي على الغلو في الأفكار السياسية وتسويق الأكاذيب على الرجل مما أثار فضولي لرفقته واستكشاف مدى حقيقة كلامكم وللأسف وجدت 100 في المئة أكاذيب وافتراءات فوجدته أفضل خلقا ودينا ومواقفا، وإن ظلمه أحد تجده خصما عنيدا وهذا حقه –
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
متابعة الصحفية المهنية بهيجة بوحافة جريدة الواجهة