بقلم: الإستشارية النفسية رشيدة خوش
الحياة ليست طريقا مستقيما، إنها مليئة بالتحديات واللحظات العصيبة والمواقف التي قد تشعرك بالإنكسار، وإن كانت بدرجات متفاوتة.
لكن هل تساءلت يوما لماذا يبدو بعض الناس قادرين على تجاوز هذه التحديات بسهولة. بينما يعاني آخرون للوقوف على اقدامهم. فإذا كنت تتمتع بشخصية مرنة فستعتمد على قوتك الداخلية التي تساعدك على التماسك عندما تواجه إخفاقا أو تحديا ما، مثل فقدان وظيفة أو الإصابة بمرض، أو المرور بمحنة ،أو وفاة شخص عزيز. أما إذا كنت تفتقر إلى المرونة النفسية فقد تعلَق في المشكلات أو تشعر بأنك ضحية.
السر هنا يكمن في إتقان مهارة المرونة النفسية.
-إذن ماهي المرونة النفسية ؟
-وماهي الآليات التي تُسهم في إكتسابها ؟
المرونة النفسية هي قدرة الفرد على التأقلم مع مصائب الحياة وتقبلها،والعمل على تجاوزها مع الإحتفاظ الفعال بالحالة النفسية والعودة إلى الاستقرار النفسي بعد مرور هذه المواقف الصعبة.
المرونة النفسية هي عملية نضج يمكن إكتسابها وتنميتها مع الوقت والممارسة من خلال تبني أساليب تفكير إيجابية وآليات عملية تُمكن الشخص من التعرف على ذاته وقدراته المتميزة مع التركيز على الواقع الحالي والتقبل الإيجابي للأحداث.
تقول الدكتورة “سيلدا كوديمير” الأستاذة المساعدة بقسم علم النفس بجامعة بامبرغ الألمانية:”تمنحنا المرونة النفسية القدرة على تغيير وجهات نظرنا وأفعالنا عندما نشعر بعدم الراحة أو الصعوبة”. كذلك أظهرت الدراسات أنها تساعد الأفراد على إدارة الألم المزمن.
من أبرز الجوانب التي توضح أهمية المرونة النفسية:
ـ القدرة على التكيف العاطفي والتفاعل المناسب مع الموافق المختلفة.
ـ تعزيز الأداء والنجاح في مختلف مجالات الحياة سواء الشخصية أو المهنية.
ـ تعزيز القدرة على مواجهة التغيرات والتمكن من التكيف بسلاسة.
ـ تحسين العلاقات الشخصية والتواصل الفعال والتعاطف مع الآخرين.
ـ حصن منيع ضد الإضطرابات النفسية والعقلية مثل القلق والاكتئاب.
الأشخاص المرنون نفسيا يعتبرون الأزمات مواقف تستحق المواجهة بكل الوسائل وليس الهروب منها، لذلك نجد أن لديهم صفات رائعة تجعلهم محبوبين ممن حولهم ،من هذه الصفات:
ـ القدرة على إتخاذ القرارات في الوقت المناسب.
ـ التعلم من الأخطاء ومواجهتها .
ـ القدرة على تكوين علاقات اجتماعية قوية.
ـ البساطة والمرح في التعامل مع الآخرين.
ـ التعامل مع الرفض بإيجابية دون الدخول في حالة الإحباط والغضب.
ـ القدرة على الشعور بالانجاز.
ـ إستخدام مهارات حل المشكلات في مواجهة التجارب الصعبة.
هناك العديد من الإستراتيجيات التي تساعدنا على بناء المرونة النفسية ،إليك البعض منها:
ـ التواصل مع الآخرين ومشاركة المخاوف والمشاعر معهم لتخفيف العبء .
ـ ملاحظة الأشياء الإيجابية الموجودة في حياتنا في الأوقات العصيبة.
ـ التعرف على نقاط قوتك والتمتع بتقدير الذات العالي.
ـ تعلم كيفية السيطرة على التوتر والغضب والقلق.
ـ تأمل اليقظة الذهنية ،عندما نتوقف ونجذب إنتباهنا إلى الحاضر نجد أن الأمور على ما يرام.
ـ التفاؤل حيث يسهم في تقليل آثار التوتر والإجهاد.
ـ كتابة الأحداث السابقة في مدونة يساعد على تقديم رؤى واضحة لتوجيه الأفعال في المستقبل.
ـ ممارسة الأنشطة الرياضية والهوايات والإستمتاع بها.
المرونة النفسية ليست رفاهية ،بل ضرورة في عالم مليء بالتحديات.بتطويرك لهذه المهارة ستتمكن من التحكم في حياتك بشكل أفضل ،ومن تقليل تأثير الضغوط عليك، وتحقيق نجاح حقيقي ومستدام.
فكن انت القائد في حياتك النفسية، ولا تدع التحديات تعرقلك، استمتع بالرحلة واستثمر في نفسك.