الواجهة
في خطوة غير مسبوقة، فجّرت النقابة الأكثر تمثيلية داخل الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة قنبلة اجتماعية من العيار الثقيل، بعدما وجهت مراسلة نارية إلى الرئيس المدير العام للمؤسسة، تُحذّره فيها من انسداد كلي في الأفق الاجتماعي، ومن استمرار ما وصفته بـ”سياسة الآذان الصماء” تجاه مطالب الشغيلة.
الوثيقة، التي وُقعت باسم النقابة التابعة للمنظمة الديمقراطية للشغل، لم تترك مجالاً للتأويل، بل جاءت محمّلة بلهجة حادة تنذر بانفجار وشيك داخل المؤسسة، في ظل “تدهور مقلق في المناخ الاجتماعي، وتراجع خطير في الحقوق، و تنامي شعور بالإقصاء و الحكرة في صفوف العاملين”.
احتقان متصاعد و صمت إداري قاتل
النقابة اعتبرت أن الوضع داخل الشركة وصل إلى مستويات لا تُحتمل، محذّرة من أن الاحتقان بلغ درجة تهدد استقرار المؤسسة برمتها. و استنكرت “غياب أي نية للإصلاح، أو مؤشرات حقيقية لحوار اجتماعي فعّال”، متسائلة باستغراب: “هل فعلاً هناك إرادة للإنصات للموظفين؟ أم أن قدرهم أن يُتركوا في العتمة؟”
المراسلة تحدّثت بصراحة عن “خيبة أمل كبرى” داخل صفوف العاملين، و عن غياب الشفافية وتفشي المحسوبية، مقابل تجاهل تام لملفات مطلبية ظلت عالقة لسنوات، وعلى رأسها: تسوية أوضاع العاملين، إعادة الاعتبار للكرامة المهنية، تعويضات متأخرة، و تصريحات ناقصة لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
اتهامات خطيرة… و نداء أخير قبل الانفجار
البيان حمّل الإدارة العامة مسؤولية مباشرة في “استمرار العبث”، و تراخيها في اتخاذ قرارات حقيقية تُنقذ المؤسسة من الغرق، داعياً إلى “عقد جلسة حوار عاجلة و شاملة” مع النقابة الأكثر تمثيلية، لطي صفحة الصراع و فتح مسار جديد قوامه العدالة و المصالحة المهنية.
و اعتبرت النقابة أن الوضع لم يعد يحتمل التماطل، خصوصاً في ظل ما وصفته بـ”أجواء العمل المسمومة” و “تسيير مزاجي لبعض المسؤولين”، مُشيرة إلى أن الإصلاح لم يعد ترفاً، بل “ضرورة وجودية لبقاء المؤسسة”.
رسالة واضحة: لا تراجع عن الكرامة
و في لهجة تُشبه الإنذار الأخير، ختمت النقابة رسالتها بالتأكيد على استمرار التعبئة و الانخراط، و تشبثها بخيار النضال المفتوح إلى حين الاستجابة لمطالبها، مؤكدة أن “العاملين بالمؤسسة ليسوا عبيداً، بل جنوداً حملوا مشعل الإعلام العمومي لعقود، و يستحقون الاحترام و التقدير، لا التهميش و التبخيس”.