fbpx
الرئيسية » آراء » صوفيا ونوفل و حكاية التحول الجندري بقلم الدكتور العياشي الفرفار

صوفيا ونوفل و حكاية التحول الجندري بقلم الدكتور العياشي الفرفار


ازدحام الصور و الفيديوهات لعملية انتقال جاندري من صوفيا الى نوفل !
مشاهد احتفالية باذخة ثم الاعداد لها بشكل جيد و بتكلفة مالية تبدو مكلفة ، مشاهد فرح تبدو غير طبيعية ، وحده العلم المغربي يبدو شديد الاحمرار ، الخجل من سياقات لا تليق به .
حجم التفاعل مع الحدث كان رهيبا ، هو امر متوقع في زمن سيطرة التفاهة على حد تعبير المفكر الكندي الان دونو ، التخطيط الدقيق أمر مدروس ، تقافة الادسنس التي لا تعترف الا بعدد المشاهدات و التسابق على الارقام و من يصنع الترندات !
لا يوجد قرار كامل الصواب وفق نظرية العقلانية المحدودة ، لذا وقعت مفاجاة قللت من الاحتفالية بالانتقال الجندري ، مفاجاة صنعها الياس المالكي و دوري الملوك كما يتداوله الاعلام و حجم المتابعة الاعلامية و تعطش فئات كبيرة للانتصارات في اطار بناء توازنات نفسية في سياق اجتماعي صعب .
مشهد استوقفني ، شاب يقدم نفسه كداعية جديد و فقيه شاشة يتحدث عن “توبة عظيمة لمتحول جنسي ” و اعتبارها فتح من السماء ! و الكثير من عبارات المديح و التعظيم ، يبدو ان الفقيه يجتهد لدخول عالم المنافسة في فضاءات الادسنس عبر توظيف رأسمال الخطاب الديني ورمزيته .
خطورة داعية الشاشة اكبر من خطورة حكاية صوفيا / نوفل ، لان هذا الاخير تصرف فيما يملك ، في جسده حسب السياقات والظروف و الحاجة ، ربما نوفل فهم ان الرجولة في المغرب غير منتجة وصعبة لذا قرر لتخلي عن الذكورة المكلفة نحو الانوثة المذرة للربح ، و ان الطريق الى المال يكون سهلا عبر الجسد و تغيير تضاريسه ! اما فقيه الشاشة فقد استغل الجانب الديني من اجل هدف شخصي .
موضوع الحكاية تشكل لحظة لدراسة احدى مراسيم العبور من صوفيا الى نوفل ، هي مراسيم اريد لها ان تكون احتفالية .
في مشهد الاحتفال رجل بدين مشهور ببداءاته اللفظية و بتحريك بطنه ، يحتضن صوفيا بشغف و يدعو لنوفل بالهداية ، اما حركات يده فتسري فيها رعشة ايروسية للالتهام .
مراسيم العبور ليس سهلة و ليست فجائية ، و انما هي نتيجة فعل مؤسسات ، فالعبور الى عالم الرجال – عالم صعب و قاسي لا يدرك قيمته الا من يعمل بعرق جينينه تحت عتبة الحاجة و الخصاص ! و الرجولة هنا ليس جنسا و انما موقف داخل المجتمع نتذكر حكاية الطفل الذي صاح في وجه ابيه دائم الجلوس بالمنزل : متى تصبح رجلا مثل امي ياأبي ؟ .
الموضوع ليس بسيطا ، بقدر ما هو مؤشر مهم على حجم التحولات التي مست روابط و بنيات المجتمع المغربي في زمن العولمة و الحدود المفتوحة .
قد نحتاح الى الاستعانة بخدمات سيمون دي بوفوار لاسيما كتابها “الجنس الثاني”، الذي حولت المبدأ الوجودي : الوجود يسبق الجوهر إلى شعار نسوي: ” لا يولد الإنسان إمرأة، بل يصبح إمرأة” on ne naît pas femme, on le devient”). من اجل فهم سياقات الانتقال من الجنس الى الجندر .
لذا فالحكاية هي مجرد طقس افتراضي في فضاءات الأدسنس و البحث عن المزيد من النور لمن يعيش ظلاما داخليا .
من صوفيا الى نوفل ليس انتقالا عقديا و ايمانيا ، بقدرماهو انتقال عكسي من الجندر الى الجنس !
نوفل ولد ذكرا و اصبح انثى في عملية تحول مذرة للدخل ، بعد تحقيق الهدف من التحول و تحقيق كافة الاشباعات ، وصل صوفيا الى لحظة الاشباع الكلي و الاغراق الذي يقتل اللذة و نظرية سيجموند فرويد يمكن ان تساعدنا في فهم اليات التفاعل والصراع بين الهو و الانا الاعلى .
فالانتقال من صوفيا الى نوفل ليس توبة كما اشاع ذلك فقهاء الفيسس بوك لان فعل التوبة هو فعل شرعي له قواعد وشروط مؤطرة بالشرع والشريعة و ليس بين احضان نيبا .
الانتقال من متعة الانوثة / صوفيا الى متعة الذكورة / نوفل هو انتقال تحركه قوانين و اليات التفاعل اللاشعوري ، لان الانغماس الكلي في اللذة يقتل اللذة ، و التحرر من كافة القيود و الاعراف و القيم الاجتماعية و الاخلاقية و الدينية يفقد الحياة مذاقها ، في هذه اللحظة لم تعد الغرائز تنتج لذة ، لذا قرر ت صوفيا الانتقال الى حيث توجد لذة اخرى في مكان اخر لذا قرر استعادة جنسه نوفل الذكر !
صوفيا ، المنكسرة و الذليلة و التي انهارت تحت سلطة من يدفع قررت ، استعادة ذكورتها ، كالية دفاعية اولا للانتقام من لحظات الضعف و الانكسار التي عاشتها امام الذكور .
الانتقال نحو نوفل هو فعل نفسي لاستعادة الكبرياء المجروح و كشرط للعودة للمجتمع و للاسرة و للدين .
يبدو ان اللذة في زمن المولينكس اصبحت فعلا تجاريا مذرا للثروة ، و النتيجة جني الارباح بقدر طحن القيم و الاعراف الجامعة وسحقها.
صوفيا ادركت ان عالم الرجال هو عالم صعب و غير منتج للمال ، و ان الجسد هو الطريق السريع لتحقيق ذلك ، لذا انخرط في مشروع للانتقال الجندري ، هو ما يكشف التزايد الكبير لإعداد الجنس الثالث و الإقبال المرتفع و بمعدلات قياسية على صفحات الشواذ.
صوفيا التي قررت الانتقال الجندري الى نوفل لاستعادة ذكورتها ، كان ذلك كفعل لجوء الى مخبأ الذكورة باعتباره نوع من الحماية من عوائد الزمن و ترهل الجسد !
اعتقد ان التحول الجندري ابعد مايكون عن فعل توبة بقدر ماهو قرار ذكي و استباقي بعد ان ادركت صوفيا – بعد دراسة دقيقة للسوق و الذات و الواقع – ان الجسد لم يعد يملك فرص البقاء في سوق الجسد الشديد المنافسة ، لاسيما مع وفرة العرض و ارتفاع الجودة ، ربما مع الخوف من الخطر القادم من امريكيا بعد فوز ترامب الذي ادخل الخوف في نفوس المتحولين.

متابعة الصحافية المهنية بهيجة بوحافة -جريدة الواجهة-

شاهد أيضاً

الصور الصادمة لأحداث الفنيدق : بين فشل السياسات وثقل المسؤوليات.

بقلم : يونس التايب من المؤكد أن الصور والفيديوهات القادمة من مدينة الفنيدق ومحيطها، صادمة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

%d مدونون معجبون بهذه: