fbpx
الرئيسية » آراء » الصور الصادمة لأحداث الفنيدق : بين فشل السياسات وثقل المسؤوليات.

الصور الصادمة لأحداث الفنيدق : بين فشل السياسات وثقل المسؤوليات.

بقلم : يونس التايب

من المؤكد أن الصور والفيديوهات القادمة من مدينة الفنيدق ومحيطها، صادمة ومؤثرة. وأتسائل كيف لا نصاب بالإحباط و نحن نرى العبث الذي تعيشه المدينة التي حجت إليها أعداد كبيرة من الشباب والمراهقين الراغبين في الهجرة غير الشرعية إلى مدينة سبتة المحتلة ؟؟؟ وهل هنالك منطق في ما يتم، منذ أيام، من حملات مفتوحة في مواقع التواصل الاجتماعي لتحريض الشباب المغربي على الإقدام على الهجرة غير الشرعية، دون استحضار كل ما في ذلك من أثر غير قانوني ؟؟

أليس في ما وثقته الفيديوهات القادمة من حدود مدينة سبتة المغربية المحتلة، ما يكفي لنكتب قصائد طويلة في رثاء الذات المجتمعية المغربية، ونخط مقالات نعي حزينة للفعل العمومي ولكل المكتسبات التي تحققت في بلادنا خلال العشرين سنة الماضية ؟؟؟ وهل بالإمكان أن نعتبر ما رأيناه، شيئا آخر غير انعكاس صادم لأسباب كثيرة تعشش في المجالات الجغرافية، في المدن والقرى، التي قدم منها هؤلاء الشباب الهاربين من واقعهم الهش بحثا عن مستقبل أفضل في الخارج ؟

في اعتقادي، لا يمكن أن لا نرى في أحداث المناطق الحدودية بين مدينة الفنيدق وسبتة المحتلة، ما يستحق وصفه بالعبث الذي يسيء إلى صورة المغرب، عبر منح المتربصين والمتآمرين والأعداء فرصة الترويج لتصنيفنا في خانة بلدان تعيش حروبا أهلية تمنع مؤسسات الدولة من القيام بأدوارها العادية خدمة للمواطنين. وهو أمر لانقاش في أنه غير صحيح، بل هو افتراء كبير على المغرب و مجانبة مطلقة لحقيقة أننا دولة بمؤسسات سيادية صلبة و باقتصاد فيه ديناميكية معترف بها، و لو أن سؤال لماذا لا يستفيد كل المغاربة من عائدات التنمية بشكل مدمج وعادل، لا يزال دون جواب حكومي مقنع إلى حدود الساعة.

وقبل الحديث عن أسباب ما تفجر في مدينة الفنيدق ومحيطها، وهي منه براء، لا بد من توجيه تحية تقدير وثناء لعناصر الأمن الوطني و القوات المساعدة والدرك الملكي، التي واجهت حالة بلبلة غير طبيعية، بشكل فيه احترافية عالية ورقي كبير، حيث غاب العنف المادي أو اللفظي، بما يحيل على التزام الحكمة والثقة والهدوء، في احترام لحقوق الإنسان وللمسؤولية الوطنية للمؤسسات الأمنية في علاقتها بالشباب الراغبين في الهجرة غير الشرعية.

في نفس الوقت، لا يمكن أن لا نرفع أصواتنا لننبه إلى خطورة ما يجري، وندعو الحكومة والسلطات المسؤولة في القطاعات العمومية المعنية، إلى ضرورة وضع استراتيجية حقيقية للنهوض بورش الإدماج الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للشباب، في المدن وأحيائها والقرى ودواويرها، حتى لا تتكرر نفس الأحداث، وحتى نرقى إلى ضبط الأمن بمفهومه الاستراتيجي الواسع، وليس اللجوء، كل مرة، إلى تعبئة مصالح الأمن والدرك والقوات المساعدة من أجل تدبير نتائج فشل سياسات عمومية وما يترتب عن اختلالات في برامج حكومية لم يتم إعدادها بشكل تشاركي ولا صيغت تفاصيلها بالفعالية و النجاعة المطلوبة.

في هذا الصدد، يجب أن يستوعب جميع المتخاذلين بمسؤولياتهم العمومية، أن مهام أجهزة الأمن في بلادنا، ليس ضمنها الاشتغال على التنمية الاجتماعية، ولا تدبير التنشيط الثقافي والفني في الأحياء والمجالات العمرانية الهامشية المكتظة بالسكان. كما ليس من مهام مصالح الأمن الوطني والدرك الملكي والقوات المساعدة، القيام بدعم الأنشطة الرياضية والثقافية في الأحياء الفقيرة، أو تمويل المشاريع المدرة للدخل لفائدة الشباب، أو توفير ملاعب القرب، أو تجهيز الثانويات بفضاءات للاستماع والإنصات والمواكبة للشباب والشابات المتمدرسين الذي يعانون صعوبات اجتماعية ونفسية، أو تنظيم حملات طبية في الأحياء الفقيرة، وتأطير جمعيات مدنية لتقوم بأنشطة ترفيهية للأمهات … إلخ.

وإذا كان المغاربة لا يشكون في قدرة مصالح الأمن في بلادنا، بكل أجهزتها وفروعها، على ضبط الأمن العمومي ومحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة، يبقى المطلوب هو دعم الأمن العمومي عبر استراتيجيات عمل، ضمن إطار أوسع للأمن بمفهومه الاستراتيجي الشامل. أما بغير ذلك، في الشق المرتبط بجنوح الشباب وإقدامه على تحدي القانون بمحاولة الهجرة غير الشرعية مثلا، سيبقى الوضع هشا إذا استمرت القطاعات العمومية المفروض فيها أن تجد حلولا لتأطير البرامج التنموية المدمجة للشباب، غير قادرة على إبداع حلول جديدة، من خلال الإحاطة بالمجالات الجغرافية المحتاجة للتدخل العمومي، وبلورة خدمات ملائمة للحاجيات المستجدة، على أساس معرفة دقيقة بأوضاع المجالات الهشة وما يعيشه المواطنون بها.

بشكل عام، هنالك حاجة ماسة لتجاوز رداءة الفعل العمومي في كل ما يتعلق بسياسات التكوين والتعليم والإدماج والتشغيل ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة، وهناك حاجة للحد من الهدر المدرسي، وإلا سنرى مصالح الأمن العمومي مضطرة لتدبير مواقف متوترة في الشارع العام، وقد تتكرر محاولات الهجرة غير الشرعية نحو الثغور المغربية المحتلة، سبتة و مليلية، بواسطة حملات منظمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

في مقابل الأفق السلبي الذي يريدنا البعض أن نطبع معه، لا مفر من أن نتشبث بفرص نهضة المغرب لأنها قائمة وحقيقية، كما هو طريق الإقلاع الشامل متاح لنا ومفتوح أمامنا، بشرط العودة للعمل الوطني الجاد و ربط المسؤولية بالمحاسبة، والرهان على الكفاءة والاستحقاق قبل أي ولاءات أخرى، والتشبت بتطبيق القانون على الجميع، واحترام هيبة الدولة، والجدية في محاربة الفساد، و تقوية الثقة في الشباب المغربي و إطلاق طاقاتهم وحقهم في التعبير الحر باحترام لتوابث الأمة المغربية، وتشجيع الاستثمار الوطني وتحصينه بمحاربة كارتيلات الريع والليبرالية المتوحشة، وتحديث التدبير العمومي في الإدارات والمؤسسات العمومية… إلخ.

المغرب_كبير_على_العابثين، فهل سنستيقظ من هذه “الدوخة” غير الطبيعية التي أصبحنا نلمسها في سلوك عدد من الفاعلين، ونوقف عبث المتخاذلين والمتربصين، ونفتح باب شراكة حقيقية مع شباب المغرب لنبقي الأمل ونعزز جسور الثقة عبر حل بعض مشاكلهم بالصدق اللازم والكفاءة المطلوبة ؟؟؟

أم أن هنالك من يريدنا أن نترك ذلك المشكل جانبا حتى يتحول إلى لغم قابل للانفجار، كأنه ليس ورشا استراتيجيا من صميم مسؤوليات “من يعنيهم الأمر” حاليا ومستقبلا..؟؟؟

شاهد أيضاً

محمد الحامدي يجدد رفع تظلم ساكنة جماعة أولاد الشرقي الى عامل إقليم السراغنة بفتح تحقيق معمق شفاف ونزيه في خروقات قائد قيادة اهل الغابة

بقلم محمد الحامدي نعيد نشر هذا الفيديو الذي يوثق لوقفتنا الإحتجاجية أمام البرلمان التي تزامنت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *