تشهد الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية موجة من الإعفاءات في صفوف المسؤولين بمختلف المديريات والقنوات، و كان آخرها إعفاء رئيسة قطاع إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم. هذه الإعفاءات كشفت عن إخفاق النظام الحالي في تعيين المسؤولين والمدراء عبر الاختيار، وهي صلاحية ممنوحة للسيد الرئيس المدير العام. وقد أصبح هذا النظام محط انتقادات واسعة، حيث يطالبالكثيرون بتغيير أسلوب التعيين ليصبح أكثر شفافية و عدالة.
كثير من المراقبين يؤكدون على ضرورة الإعلان عن المناصب وفتح باب الترشح أمام الجميع، كما يحدث في معظم المؤسسات العمومية والوزارات. هذا الأسلوب يضمن اختيار الأكثر كفاءة واستحقاقًا لتولي المسؤوليات القيادية داخل الشركة، بدلاً من الاعتماد على نظام الاختيار الشخصي الذي ثبت عدم فعاليته.
في هذا السياق، قررت الشركة مؤخرًا عزل مجموعة من المستخدمين بسبب ارتكابهم أخطاء أو اختلالات. لكن هذا القرار أثار العديد من التساؤلات حول السبب في عدم محاسبة المسؤولين الذين تم إعفاؤهم رغم ثبوت وجود اختلالات عليهم. هذا الوضع يطرح علامات استفهام كبيرة حول مدى التزام الشركة بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
الفساد وسوء التدبير وإهدار المال العام هي مشكلات تستدعي معالجتها بحزم وشفافية. فإذا كانت الشركة الوطنية للإذاعة و التلفزة تسعى لتحقيق الإصلاح وتحسين أدائها، يجب عليها تطبيق مبدأ المحاسبة على الجميع، بما في ذلك المسؤولين الذين ثبتت ضدهم اختلالات. هذا هو السبيل الوحيد لضمان العدالة والشفافية، وتعزيز الثقة في المؤسسات العمومية. كما يتساءل العديد عن دور مدير التدقيق و الافتحاص، الذي يتقاضى راتباً كبيراً، في كل هذه الاختلالات.
في الختام، لا يمكن تجاهل أن التغيير الحقيقي يتطلب إرادة قوية وإجراءات ملموسة. الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة بحاجة ماسة إلى مراجعة سياساتها وآلياتها لضمان اختيار الأكفأ، ومحاسبة كل من يثبت تورطه في فساد أو سوء تدبير، لضمان مستقبل أفضل وأكثر إشراقًا للإعلام الوطني.