تراجعت شركات توزيع المحروقات عن عرفها السائد الذي يقضي بالزيادة في أسعار الوقود منتصف كل شهر، إذ لم تقر أي زيادة منتصف شهر شتنبر الجاري، رغم أن الأسعار في السوق الدولية مستمرة في الارتفاع.
وعلى غير عادتها، لم تلجأ الشركات المذكورة إلى إقرار عرف الزيادة، رغم أن سعر برميل النفط الأسبوع المنصرم بلغ 92 دولارا، بعدما كان في حدود 72 دولارا شهر يونيو الماضي.
واعتبر مجموعة من المتتبعين أن تغاضي الشركات عن الزيادة التي كانت مرتقبة منتصف الشهر الجاري كان بسبب تزامن موعدها مع الهبة التضامنية غير المسبوقة للمغاربة مع ضحايا زلزال 8 شتنبر، إذ توافدت قوافل الشاحنات من مختلف المدن نحو المناطق المنكوبة محملة بالمساعدات للسكان المتضررين.
وأفاد هؤلاء بأن الشركات المذكورة لم تستطع المغامرة بإقرار الزيادة التي تحدثت عنها العديد من المصادر المهنية سابقا، خوفا من تحول موجة التضامن إلى موجة غضب مركزة على شركات المحروقات.
وتفاعلا مع هذا الموضوع، كشف مصطفى لبرق، الخبير في المجال الطاقي، أن “شركات توزيع المحروقات كانت على موعد مع زيادة قدرها 50 سنتيما للتر الواحد في الغازوال انطلاقا من 16 شتنبر الجاري، وزيادة مرتقبة بمقدار 70 سنتيما في بداية أكتوبر”.
وأكد لبرق أن “السياق الحالي المطبوع بتدفق موجة التضامن عقب الزلزال منع شركات المحروقات من تطبيق الزيادة الأولى في 16 شتنبر”، مشيرا إلى أن “الشركات قد لا تستطيع الصمود في هذا الموقف، لأنها ستبدأ ممارسة أعمالها التجارية بالخسارة”.
وعن السيناريوهات المحتمل اللجوء إليها لمواجهة هذا الوضع، فإن شركات توزيع المحروقات قد تضطر إلى إقرار زيادة مضاعفة مع فاتح شهر أكتوبر من أجل التغطية على “الزيادة المؤجلة” في 16 شتنبر، وبذلك سترتفع الأسعار بشكل كبير.
ومن جهة أخرى، يشير السيناريو الثاني إلى احتمال استمرار هذه الشركات في تأجيل الزيادة إلى منتصف شهر أكتوبر، علما أنه كلما سارع برميل النفط في الارتفاع ستكون قفزة الأسعار في محطات الوقود صادمة للمغاربة المتأثرين بالغلاء وارتفاع الأسعار.
هذا، ويرى الخبير في المجال الطاقي أن توجه سعر برميل النفط نحو سقف 100 دولار ستكون له عواقب وخيمة، أبرزها بقاء التضخم عند مستوى مرتفع، وهو ما من شأنه أن يدفع البنوك المركزية للإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة لمحاولة كبح التضخم عبر تقليل الطلب وخفض أسعار النفط والمنتجات المكررة.
وتجدر الإشارة إلى أن أسعار النفط كانت ارتفعت خلال الأشهر القليلة الماضية بعد قرار المملكة السعودية وروسيا تمديد تخفيض الإنتاج حتى نهاية العام.
ويشار أيضا إلى أن أسعار المحروقات في المغرب كانت قد شهدت خمس زيادات خلال شهر غشت المنصرم، حيث يناهز حاليا سعر الغازوال 13.60 درهما للتر، فيما وصل سعر البنزين إلى 15.45 درهما، وهو ما أثار غضب المغاربة المنددين بهذه الزيادات غير المسبوقة.
وكان لهذه الزيادات انعكاس على أرقام المندوبية السامية للتخطيط في رصدها تطور التضخم في المملكة، إذ قالت في نشرتها الأخيرة، الصادرة الأسبوع الماضي، أن وتيرة زيادة أسعار المحروقات تسارعت لتبلغ 6.7% في غشت على أساس سنوي، مقابل ارتفاع في حدود %0.5 خلال شهر يوليوز.