بقلم: مصطفى عيسي
في الذكرى العشرين للأحداث الإرهابية المؤسفة والتي كانت مدينة الدار البيضاء مسرحا لها يجدد المجتمع المغربي بجميع أطيافه وتلاوينه إدانته الشديدة لهذه الأحداث قائلا بصوت واحد الإرهاب لا دين له لا وطن له، ماذا تحقق أمنيا بعد 16 ماي 2003 ؟
يعيش المغرب تخوفا مستمرا من تكرار الأحداث الإرهابية المؤلمة قبل عشرين سنة والتي راح ضحيتها 45 قتيلا بينهم 14 من منفذي الهجمات و31 أعزلا في مواقع مختلفة من مدينة الدار البيضاء أبرزها فندق فرح ودار إسبانيا إضافة الى المعهد اليهودي والقنصلية البلجيكية ودار أمريكا، ويأتي هذا التخوف بعد انتشار مد التطرف والتشدد الديني والحملات الممنهجة لتجنيد الجهاديين للقتال في جبهات عدة من طرف عدة تنظيمات إرهابية أبرزها داعش والقاعدة وفصائل أخرى، وهذه الجماعات المسلحة تشكل خطرا داهما خصوصا مع تزايد الأزمات الإقليمية والصراعات السياسية في بعض دول الساحل والصحراء والإنفلات الأمني في بعض الدول بعد أحداث ما يسمى بالربيع العربي، لتشكل هذه الدول مثل سوريا والعراق وليبيا بؤرة التطرف ونواة تشكل الميليشيات الإرهابية المسلحة، ثم إن السياق الاقتصادي والسياسي يشكل عامل جذب لبعض الشباب المغرر بهم للالتحاق بها تحت مسمى “الجهاد” .
في ذات السياق أشار مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية السيد الحبيب الشرقاوي إلى وجود أكثر من 1660 ملتحقا بتنظيم الدولة في سوريا والعراق وجاءت هذه التصريحات بعد للإعلان عن نتائح البحث المفصل حول قضية مقتل شرطي مدينة الرحمة وحرق جثته، مشيرا أيضا إلى أن هناك مجموعة من العناصر المغربية المقاتلة لا تزال متواجدة ببؤر التوثر وقد قدرت حسب البحوث الاستخبراتية ب 250 عنصرا يشكلون تهديدا وخطرا مباشرا على أنفسهم وعلى الناس .
وقد بدلت السلطات الأمنية متمثلة في: المديرية العامة للأمن الوطني بهياكلها المتخصصة في الاستباقية والتدخل الفوري كالمكتب المركزي للأبحاث القضائية والفرقة الوطنية للشرطة القضائية والمصالح الولائية، والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني مجهودات جبارة للحيلولة دون وقوع أحدات مشابهة للأحداث 16 ماي، وفي هذا الصدد تمكن المكتب المركزي للأبحاث القضائية من تفكيك أكثر من 90 خلية إرهابية منذ تأسيسه سنة 2015 واعتقل أكثر من 1500 شخص أغلبهم موالون لداعش من بينهم قاصرين و نساء.
بالموازاة مع هذه الإجراءات الأمنية الفورية نحى المغرب منحى شموليا في تعامله مع الفكر الإرهابي والتطرف العنيف وشمل ذلك الجانب الديني والقانوني والاقتصادي والاجتماعي .
لكن تجدر الإشارة إلى أنه بعد 16 ماي كانت هناك أحداث إرهابية أخرى شهدتها بلادنا، الحديث هنا عن أحداث حي الفرح وشارع مولاي يوسف ومقهى الانترنت بسيدي مومن أحداث مقهى أركانة وهو ثاني أسوء عملية إرهابية بعد أحداث فندق فرح والسائحتين الأجنبيتين بإمليل.
ختاما، يعتبر المغرب قضية محاربة أشكال التطرف والإرهاب أولوية كبرى لأن ضمان الأمن يعادله ضمان الإستقرار وخلق مناخ مناسب لمزيد من النمو وتحقيق التنمية المنشودة.