fbpx
الرئيسية » أخبار وطنية » عودة سوريا إلى الجامعة العربية: دروس الخطاب الديبلوماسي لمملكة مغربية عريقة …

عودة سوريا إلى الجامعة العربية: دروس الخطاب الديبلوماسي لمملكة مغربية عريقة …

بقلم: يونس التايب

أول تجليات العراقة في الجانب الديبلوماسي للدول، هو ضبط أهلها للخطاب الرسمي وتأطير تواصل المسؤولين، حتى لا يصدر عنهم كلام يسيء لبلدانهم، أو لا يساعد على إيصال المعنى المراد إيصاله ….

في هذا الصدد، تعتبر المملكة المغربية من الدول التي تولي عناية كبيرة لصياغة الخطاب الرسمي الذي يصدر عن مؤسساتها السيادية، حيث انتقاء الكلمات بعناية فائقة، ووضع كل كلمة في السياق المراد لها، وتحميل الجمل المقصود من المعاني فعلا، لكي يرقى التواصل الرسمي إلى أعلى مراتب البلاغة المتاحة في اللغة والكتابة الرسمية، وتتحقق الغايات المرجوة منه …

نلمس ذلك بوضوح في الخطب الملكية السامية، وفي بيانات الديوان الملكي. كما نلمسه في مضامين الكلمات التي تلقى باسم المملكة المغربية، بأمر من جلالة الملك حفظه الله، وفي البيانات التي تصدر عن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج …

هذا اليوم، في اجتماع مجلس وزراء خارجية دول الجامعة العربية بالقاهرة، الذي خصص لموضوع عودة سوريا إلى الجامعة العربية، عشنا لحظة تميز تواصلي من خلال كلمة المملكة المغربية، التي ألقاها وزير الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، السيد ناصر بوريطة. ويمكن الوقوف عند عدد من الفقرات التي حملت “اللمسة المغربية الأصيلة”، لغة ومعنى، بصياغة بعثت عدة رسائل تجدد التأكيد على مواقف المغرب والمبادئ الثابتة التي تتحرك ضمن إطارها ديبلوماسيته.

ومن الفقرات التي كانت صياغتها موفقة لغويا وبليغة سياسيا و ديبلوماسيا، أذكر التالي :

– التأكيد على أن عودة سوريا يجب أن يشكل شحنة لإطلاق مسار سياسي يفضي إلى حل شامل ودائم للأزمة في ذلك البلد، والتذكير برؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس بضرورة احتواء الأزمات ومعالجتها في إطارها المناسب.

– التذكير بالروابط التاريخية التي تجمع بين المغرب وسوريا، وبأن دماء الجنود المغاربة والسوريين والعرب التي امتزجت وسالت أثناء حرب أكتوبر 1973 دفاعا عن حرمة سوريا، هي أكبر تجليات الأخوة بين الشعبين الشقيقين.

– الأسف لما طال سوريا من محنة وعنف واضطراب طيلة إثني عشرة سنة. والتنبيه إلى أن الأزمة انعكست سلبا على السوريين في طمأنينتهم و وضعهم المعيشي، وفي تطلعاتهم الفردية نحو الآفاق الواسعة التي تتيحها الحرية والانفتاح والمساهمة الفعالة في الشأن العام، فضلا عن كون هذه الازمة ألقت بظلالها على جميع دول المنطقة.

– التساؤل حول ما إذا كانت عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية هدفا في حد ذاته، أو أن الغرض يمتد لأبعد من ذلك. والتصور الثاني يجعل من الجامعة العربية منفذا من بين المنافذ لإحلال السلام واستتباب الأمن، ومساعدا من بين المساعدين المخلصين لسوريا على تحقيق ما تصبو إليه من تنمية وازدهار.

– التشديد على أنه إذا كنا نتشبث بمبدأ الحفاظ على سيادة سوريا ووحدتها الترابية ولحمة مجتمعها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية كإحدى ثوابت العمل العربي، فإن الالتزام المشترك فضيلة وواجب تبرهن عنهما تدابير ملموسة لإثبات القدرة على معالجة القضايا الملحة الأخرى بالنسبة للسوريين أنفسهم وللدول العربية وغيرها، كالعودة الآمنة للاجئين وتسهيل عملية إيصال المساعدات الإنسانية والطبية وإطلاق مسلسل المصالحة الوطنية ومكافحة الإرهاب بشتى أنواعه.

أما “النويطة ديال المعلمين الكبار”، فقد أتت، في رأيي، في فقرة تنويه المملكة المغربية بالجهود التي بذلتها المملكة العربية السعودية من أجل عودة سوريا إلى الجامعة العربية، من خلال جملتين بليغتين، هما :

– الأولى، التنصيص على أن “الخير لا يأتي بالفرقة والانقسام بل بالوحدة والتكامل” …
و …
– الثانية، هي التأكيد على أن ما بذلته المملكة السعودية من جهود، هو ما “سيجعل من قمة جدة المقبلة، قمة حقيقية للم الشمل العربي”.

ركزوا معي على الجملة الأخيرة، راه فيها “ثلاثة و ضامة” … أو “كوفرة و بيلانتي”، حيث المعنى بليغ و بديع. وأكيد أن الرسالة ستصل وتوجع من في قلوبهم مرض وكثير من جنون العظمة والهوس بذات منتفخة بالفراغ …

#سالات_الهضرة

#المغرب_كبير_على_العابثين

شاهد أيضاً

اليوسفية: مدينة تُقصى من الذاكرة الإعلامية رغم حضورها في قلب المشروع الفوسفاطي

الواجهة مرة أخرى، تجد مدينة اليوسفية، ذات التاريخ العريق في استخراج الفوسفاط، نفسها خارج التغطية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *