بقلم : أحمد زعيم
تفتح اسبانيا في كل عام، عقود عمل موسمية، بإتفاق مع المغرب يتم بموجبها انتقال عدد من العاملات الفلاحيات إلى الديار الاسبانية، حيث تم الاتفاق على انتقال 15 الف عاملة الى اسبانيا للاشتغال في حقول الفراولة بخصوص موسم 2022 -2023 عبر افواج او دفعات.
لقد شرعت الوكالة الوطنية لإنعاش التشغل والكفاءات المغربية “انابيك” في تسجيل العاملات القرويات لموسم جني الفراولة للحصول على عقد عمل لمدة ثلاثة اشهر لهذا الموسم، وذلك بتوفر المترشحات على الشروط المطلوبة، كالسن والتجربة المهنية في العمل الفلاحي، وشهادة السكنى في العالم القروي، والتمتع بصحة جيدة،..بعد ذلك يتم إنتقاء ملفات الترشيح، بحسب الاستحقاق طبقا للمسطرة الموضوعة من طرف الوكالة.
عند الوهلة الاولى ليس للمتلقي إلا ان يرتاح لهذه الخطوة من منطلق أنها ستوفر الشغل لشريحة من النساء المغربيات بالديار الاسبانية، حتى يتمكنَّ من إعانة أسرهن وابنائهن.
غير أنه من المؤسف ان نعلم بأن الطلب اكثر من العرض، وحينما يتابع المواطن بحسرة تهافت وهرولة الراغبات في حيازة مكان لهن ضمن مَن وقع عليهن الاختيار. الهرولة تلك تتم في شكل زرافات زرافات في اتجاه المؤسسة الوسيط بين المشغِّل والمشغَّل .
يصدق على هذه الوضعية البئيسة المثل الشعبي القائل: ” الميت فار و المندبة كبيرة”
موجع حقا أن يحدث هذا التهافت أولا ،و ان يكون العدد المطلوب هو 15000 والطلبات تقدر بمئات الآلاف ثانيا. فواقع الحال يقول بأن المجتمع المغربي يعاني من الهشاشة والضعف الجليين في ظل أوضاع اقتصادية قاسية، واختيارات سياسية حكومية لا تضع ،فعلا، المواطن الفقير في صلب اهتماماتها و انشغالاتها. ينضاف إليها توالي سنوات الجفاف. الشيء الذي انعكس سلبا على الفلاحة التي تعتبر النشاط الأساسي في الاقتصاد الوطني ،وبالأساس في توفير فرص الشغل لعدد مهم جدا من الذكور والاناث.
أمام هذا الوضع المتازم لم يتبق من خيار أمام العاطلين من ابنائنا وبناتنا سوى الارتماء، مكرهين، في أيادي مرتزقة الهجرة السرية و المقنَّعة، كما هو الحال مع حكاية الفراولة.
إقليم الفقيه بن صالح لا يشكل اسثتناء هو الآخر، حيث حسب ما يلاحظ ان المترشحات من النساء القرويات هن بالآلاف تجدهن يتادفعن أمام الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات ANAPEC،خصوصا خلال هذه السنة استثناء، مقارنة بالسنوات الفارطة،حيث كانت مواسم الفلاحة بالاقليم توفر امكانات للعمل، على قلَّتها، للمقيمين ،و للوافدين من مناطق أخرى (في الزراعة، الحصاد، جني الزيتون ،الحمضيات ،الشمندر الحليب، الرعي..).
هذه الاحتياجات الحياتية الضرورية هي التي دفعت بهذا العدد الهائل من النساء إلى الإقبال على العمل في حقول الفراولة باسبانيا ،مع ما ينتج عن ذلك من آثار، ليست دائما إيجابية، ولكنها في العمق سلبية.
فالنساء القرويات المتزوجات المطلوبات يُخَلّفن وراءهن أطفالهن وأزواجهن و عائلاتهن.. لفترة تمتد لثلاثة أشهر، ولربما للأبد؛ مما يعرض الكثير من الأسر إلى عدد من المشاكل التي تؤدي الى التفكك، ولاحقا يترتب عنها اثر مدمر للنسيج الجتماعي ككل.
فأين نحن من تبشيرات وأهداف المخطط الأخضر الذي صرفت فيه أموال طائلة من الدراهم ،تعد بالملايير؟!
واين هي انعكاساته واثاره الإيجابية على الفلاحة والاقتصاد الوطني، وبالتالي على المجتمع؟!
ما مآل البرنامج المرتبط بالسياسة والأمن المائيين، تحسبا لتقلبات المناخ الطقس؟!
الجواب عن هذه التساؤلات،وتدبره هو الجدير بتحقيق كرامة المراة خاصة، والمواطن المغربي عامة.