بقلم حميد
من بعيد لا نرى إلا الغابة ومن قريب نرى الأشجار، وفي الحالة القاسمية فغابتها ذبحوها تذبيحا ونهبوها ومزقوا أوصالها وشرايينها حتى تيبست أشجارها واصفرت وأصبحت عبئا على الحزام الأخضر على الصعيد الوطني. كلنا نحمل ذكريات جميلة على غابتنا الحضرية، حيث كانت الأشجار كثيفة وباسقة وتسودها أنواع مختلفة من الأعشاب كانت تشكل مرتها خصبا للرعي، كما كانت تشكل ملاذا آمنا لشباب المدينة لممارسة رياضة العدو والمشي والتنزه، كما كانت تشكل وجهة مفضلة لأساتذة علوم الحياة والأرض صحبة تلامذتهم للقيام بالعديد من الأبحاث الجيولوجية.
إذن، فما الذي وقع لهذه الغابة حتى أصبحت مجرد أعمدة مغروسة في الأرض متيبسة ومتناثرة هنا وهناك؟
ما وقع هو أن “ما وكلي” السياسية بسيدي قاسم – الذي ستأتي به صناديق الاقتراع بطرق تدليسية سنة 1992، – سيجدها فرصة سانحة لقيادة آلة الفوضى والتي ستأتي على الأخضر واليابس لن تنجو منها حتى أشجار هذه الغابة، حيث سينهبها وسيقدمها علفا سمينا للحمامين اللذين يملكهما، بعدها سينتقل لأشجار شوارع المدينة ليتتم ما بدأه في الغابة. والنتيجة أن المدينة التي كانت تتربع على سلم الخضرة بالمغرب مباشرة بعد مدينة إفران، حيث كانت تتوفر، إضافة على الغابة الحضرية -التي دمرها “ماوكلي” السياسة – وغابة الشباب ،التي دشنها المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه ،إضافة إلى جنان السبيل وحديقة الشركة الشريفة للبترول وحدائق المدارس ومجموعة من الحدائق و “الجنانات” بما فيها “جنان” البلدية ،الذي كان يختص بتزويد المدينة بشتى أنواع الورود والأغراس والقيام ببعض التجارب النباتية . وعندما نلمس ريادة مدينة سيدي قاسم في مجال الخضرة ،سنجد ما يبرر ذلك ،وهو أن مدينة سيدي كانت مدينة بترولية وأن تكرير النفط وتصفيته من طرف الشركة الشريفة للبترول كان يتسبب في تلوثيت أجواء المدينة، وعندما يقدم “ماوكلي” السياسة، الذي لا يخاف لا الله ولا القانون على تدمير غابة المدينة، فإنما كان يدمر رئتنا الجماعية.
وكل ذلك كان يقع على مرآى ومسمع مسؤولي المندوبية السامية للمياه والغابات وكل أطياف السلطة بالمدينة، حيث كان الجميع يجني ثمار هذه الفوضى المحصنة.
والخلاصة، لقد ذهبت الشركة الشريفة للبترول وذهب معها كل شيء كان جميلا بالمدينة.
هذا هو ماضي المدينة على مستوى الخضرة وهو ماض يسائلنا جميعا عن إهمالنا الذي طال الغابة الحضرية ومعها باقي الحزام الأخضر الذي تم تدميره وإعادة تأهيل الغابة الحضرية قد غذا حاجة ماسة بالنسبة للمدينة من إعادة تشجيرها وبناء المسالك بها وتزويدها بالماء والأضواء وتسييجها وبناء كراسي إسمنتية بها وكذا حراستها من “ما وكلي” وأشباهه.
وهنا على المجلس البلدي في شخص رئيسه السيد عبد الإله اوعيسى أن يدرج هذه المشروع في إحدى دورات المجلس وأن يجالس ممثل مندوبية الماء والغابات وما على مدينتنا ذلك بعزيز.