بقلم: حميد وضاح
اخدت هذه الصورة حديثا من مقر الخزانة البلدية ،هذه الخزانة التي استفادت منها أجيال وأجيال منذ أن تم تدشينها أواخر تسعينيات القرن الماضي، حيث اغتنمت أكوام القمامة فرصة سباتنا الثقافي والجمعوي والسياسي…، لتهجم على آخر ما تبقى لدينا من رموز ومعالم ثقافية.
هذه الصورة المستفزة لوعينا الجمعي لا يتحمل مسؤوليتها رئيس المجلس الجماعي ولا حتى موظفو هذه المؤسسة، بل كلنا معنيون بهذه المسؤولية، كل من موقعه إما كمنتخبين أو كإعلاميين أو كجمعوييين… كلنا ارتدينا عباءة الشيطان الأخرس وتوسلنا بحيلة اليائس العاجز عن نفض أكوام الغبار عن تاريخنا الرمزي الثقافي وعن أركيولوجيته المعمارية من سينما ومسرح وحدائق وملاعب لمختلف الرياضات والتي أتت عليها كلها أنياب الجرافات لصالح سماسرة العقار الجدد المتحدرين من مصادر الحقد على كل ما هو ثقافي وتربوي – تعليمي.
فأين هي سينما فوكس ووليلي والريف؟ وأين هي ملاعب الهوكي والفروسية والتنس والسباحة وجنان السبيل وحديقة الشباب والشطرنج والبعثة الفرنسية … بالمدينة؟ كلشي راح مع الزمان وما يدوم إلا وجه المسخ والفوضى.
فهل يعقل أننا كلما حاولنا التعريف بمدينتنا للآخرعلينا أن نضطر إلى استحضار ماضيها على حساب حاضرها، ماض كانت تحتل فيه المراتب الأولى في سلم التعليم والمسرح والسينما والجمعيات الثقافية الجادة والرياضة والحدائق؟ وهل يعقل أن ننفض أيدينا من أي التزام وطني وأخلاقي تجاه التنمية الثقافية، وأن نترك القمامة تزحف على مؤسساتها؟ وهل يعلق ألا نضيف ولو كتابا واحدا أو مقعدا واحدا لهذه الخزانة منذ سنوات عديدة؟ وهل يعقل أن نترك جدران واجهاتها عرضة للتصدع والتشقق وتقادم طلائها حتى فقد بريقه، وهي المؤسسة التي أقيمت بمدخل المدينة كان من المفروض أن تكون ذات رونق جذاب، فهي مؤشر حقيقي على واقع المدينة الثقافي؟ وهل يعقل أن نختار جمعيات بعينها، حسب مبدأ الولاء والايماءة على الطريقة الصينية، لنصبغ عليها كل المشاريع الثقافية، وعلى رأسها قسم العمل الاجتماعي الذي أصبح ضالعا في جريمة القضاء على الحياة الجمعوية الثقافية بسبب سياسته الإقصائية؟
إن هذه الصورة التي استفزت شعوري وذكرياتي بها كطالب، حيث كنت أتردد عليها – بمعية مجموعة من الطلبة الأصدقاء كثيرا – لتحضير بحوث الإجازة، لا ينبغي ان تفسر أنها موجهة ضد شركة النظافة -التي يجب أن تقوم بدورها المنوط بها على أحسن وجه والذي تتقاضى نظيره سنويا ما يفوق المليار و 200 مليون -، وإنما صورة موجهة إلى رئيس المجلس الجماعي السيد عبد الاله أوعيسى لينفض الغبار على هذه المعلمة الثقافية وأن يعيد لها اعتبارها عبر إعادة تأهيلها وتجهيزها ومدها بمختلف الكتب الجديدة والحواسيب والويفي حتى تستطيع أن تستقطب العديد من شباب المدينة الذي يعاني البطالة والفراغ، وكذلك أن يجعل من التنمية الثقافية رأسمالا رمزيا لعبور آمن نحو التنمية الشاملة في تدبيره للشأن العام للمدينة ،وذلك عبر دعم المشاريع القافية القوية والحقيقية والتي يجب أن تنعكس على شرائح عريضة من الساكنة في إطار دفتر تحملات شفاف وصريح.
السيد الرئيس أنتظر تفاعلكم الإيجابي مع هذا النداء.