بقلم: هند عجبة
من منا لا يتذكر قصة المهاجر المغربي عمر الرداد، بعد 30 سنة مضت على وقوعها، عادت قضية البستاني عمر الرداد الى واجهة الأحداث في تهمة قتل مشغلته الفرنسية جيزلين مارشال.
قضية عمر الرداد هزت المجتمع الفرنسي مطلع التسعينات (سنة 1991)، بعدما عثر على جثة جيزلين الثرية في الطابق السفلي من الفيلا الخاصة بها في كوت دازور والتي كان يشتغل بها البستاني البريء والذي حوكم ب 18 سنة سجناء بتهمة قتله لمشغلته.
فقد كانت العبارة التي وجدت مكتوبة بدم المقتولة على باب القبو بالمكان الذي وجدت فيه غارقة في دمائها بمثابة صك الاتهام للمهاجر المغربي عمر الرداد.
تعود تفاصيل الواقعة بالضبط الى يونيو عام 1991 حيث وجدت السيدة الفرنسية التي كانت تعيش وحيدة في الفيلا التي تملكها في منطقة موجين القريبة من نيس، مقتولة في قبو منزلها، وبعد قدوم رجال الدرك للبحث في اسباب غياب جيزلين، بعد تلقيهم اتصالا من الجيران يفيد غياب السيدة عن الانظار، تم العثور عليها هامدة في دمائها ووجدوا على باب القبو جملة مكتوبة بدم الضحية ” عمر قتلني” ‘Omar m’a tuer”.
وبعد التحريات التي انجزت تم اتهام المهاجر المغربي ابن الريف الذي طالما تمسك ببراءته من هذه التهمة، حيث حكم عليه بالسجن 18 عاما وذلك سنة 1994 بعد محاكمة مثيرة للجدل دون إمكانية الاستئناف حينها في 2 فبراير 1994؛ الا انه وفي عهد الرئيس الفرنسي الاسبق جاك شيراك حصل على عفو رئاسي جزئي سنة 1998 كحل قانوني ضمن اتفاق بين المغرب وفرنسا حول تبادل السجناء، على اثره تم تخفيف العقوبة الى 4 سنوات و8 اشهر في جريمة تعد إحدى اغرب القضايا واكثرها جدلا في تاريخ القضاء الفرنسي، لكن وبالرغم من ذلك لم يذق الرداد طعم البراءة والحرية الكاملة لانه لازال يتحمل المسؤولية الجنائية.
وفي 16 دجنبر سنة 2021، قررت العدالة الفرنسية إعادة فتح الملف بعد 27 عاما من إدانة البستاني وامرت بمعلومات إضافية وهي خطوة أولى نحو مراجعة المحاكمة بعد ان قدم الدفاع بالاعتماد على تقرير كشفت عنه الصحافة قبل 6 اشهر، طلب مراجعة المحاكمة كإجراء استثنائي في فرنسا.
وفي تطور جديد لقضية الرداد، قضت لجنة التحقيق يومه الخميس 13 من شهر اكتوبر بمحكمة المراجعة المكلفة بالبث في طلب مراجعة محاكمة البستاني الذي تقدم به دفاع المعني بالأمر برفض طلب المراجعة في قضية البستاني المغربي عمر الرداد رغم بروز مؤشرات قوية على برائته من قتل مشغلته الفرنسية.
وقد اوضحت محامية الرداد نواكوفيتش خلال تصريح صحفي” ان هذه القضية كانت واحدة من أكبر الاخطاء القضائية في القرن 20 وتعتبر اليوم احد اكبر الاخطاء في القرن 21 ” مفيدة ” ان لجنة التحقيق لم تتابع طلبات المحامي العام واعتبرت ان الحمض النووي لا يمكن تأريخه وبالتالي تم رفض طلب السيد الرداد”.
واردفت تصريحها بالقول ” نحن غاضبون من هذا القرار الذي لا يحترم حقوق الانسان فحسب، بل حتى قانون 2014 الذي يسمح بالمراجعة في حالة الشك البسيط”، وأضافت نواكوفيتش: ” سنمضي الى نهاية الطريق، سأبدأ هذا الإجراء اليوم”، كما وصفت المحامية هذه المحاكمة بغير العادلة وأكدت في تصريحها مواصلة الطريق الى الى النهاية من اجل محاكمة عادلة.
قبل 30 سنة عجز الرداد الشاب المغربي البريء ذو 27 سنة عن الدفاع عن نفسه لعدم معرفته باللغة الفرنسية ،هاهو اليوم وبعد ان اشتعل رأسه شيبا اصبح بإمكانه الرد على اسئلة الهيئة القضائية، وبعد 30 سنة تغيرت ملامح الرداد وتغيرت معالم المحاكمة، فقد حان الوقت لتدق الحقيقية اجراسها لانها قناعتنا الراسخة في معركة البحث عن الحقيقة.