fbpx
الرئيسية » أخبار وطنية » هــرمــنــا…ولم يسقط الفســــــاد

هــرمــنــا…ولم يسقط الفســــــاد

عبد الإله شفيشو/فاس

هــرمــنــا…ولم يسقط الفســــــاد

يجب ألا يفهم من هذا المقال على أنه هجاء لمؤسسة معينة كما أنه ليس من قبيل جلد الذات بحثا عن لذة موهومة أو عن تبرير إنه محاولة للمجاهرة بالحقيقة في هذا الوطن الجريح خاصة لما تتواطئ السلطة مع المال الفاسد من أجل طمس الحقيقة ومنع وصولها، فصمت المثقف على الخصوص في ظل الأوضاع الراهنة التي وصلت إليها الأمور (السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية) إلى هذا الحد المفزع من الفساد والتردي والتفاهة هو إقرار بما هو قائم ولا يختلف عن التواطؤ.

“هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية” كانت العبارة الأكثر تأثيرا و تعبيرا عن حالة شعورية نادرة والتي قالها المواطن التونسي “أحمد الحفناوي” عقب نجاح الثورة التونسية وهو يصرخ بالعبارة من أعماق قلبه حزيناً وفرحاً في نفس الوقت وهو يشاهد الشباب وقد صنعوا ثورة لم يكن متوقعاً نجاحها معبرا عن مشاعره الكبيرة بكلمة اختصرت الزمن وملامح الشيخوخة بكلمة هزّت مشاعر الملايين وكان لها إيقاعها المؤثر في ذاكرة التاريخ ولا يزال يتردد صداها.

“لقد هرمنا” لم تكن كلمة بعيدة عن السياق الثوري والشعبي والمشهد العربي الذي ظل لعقود في قبضة الأنظمة والمخابرات ولذلك كانت معبّرة عن الوطن العربي بأكمله وليس تونس فحسب، فالكلمة أضحت متداولة على نطاق واسع يستخدمها البعض عند الشعور بتحقيق هدف طال انتظاره من باب الدعابة والبعض الآخر يستخدمها تعبيرا عن الامتعاض من واقع ملطخ بالفساد والقمع والمحاكمات الصورية في أكثر من مدينة عربية ،وأخطر ما أصاب الربيع العربي هي تلك الفيروسات التي انتقلت إليه عبر مجموعة من المناضلين المزيفين الذين وجدوا الربيع فرصة لتعويض خسائر وهزائم الماضي في معاركهم الذاتية العقيمة فلما تغير اتجاه الريح لصالح الفساد قرروا الاستثمار في بورصته فوضعوا قدما فيما تبقى من أرض الثورات والقدم الأخرى في مراعي الدولة العميقة بحجة الواقعية.

“لقد هرمنا” من هذه اللعبة السياسية التي لا تنتهي من انتخابات صورية ووعود كاذبة والكلام هو الكلام لا يتغير والوجوه هي الوجوه لا تتبدل وكأننا نسير بسرعة الصاروخ لتحقيق رقم قياسي بموسوعة غينيس Guinness في الفساد و الاستبداد، أفيقوا أيها السادة هذا وطن وليس رقعةً للشطرنج وليس ملعبا لهواة السياسة إنه المغرب أرض أجدادنا وأبناءنا وأحفادنا من بعدنا فكيف نفرط فيه وهذا قول واحد لا مهادنة ولا رجعة فيه، بالفعل فبعد معركةٍ طويلة خرجت جموع الشعب برغبةٍ صادقة في اسقاط الفساد، كان الأمل كبير أن القادم أفضل وأنه لا يمكن بعد كل ما حدث خلال الأعوام الماضية أن تنكسر إرادة الشعب وأن يعود للوراء فخرج الجميع وشاركوا في العرس النضالي وانتظروا العروس الجديد عروس بكر فإذا بها نفس الزوجة، إن هذا الشعب لا ولم يكن غبيا في يوم من الأيام فلماذا يتم التعامل معه كأنه غبي أقولها للتاريخ وللأجيال القادمة وأرفعها صيحة عالية مدوية إن شعبنا له عزته وكرامته ويكره منطق الإستغباء.

“هرمنا لكن ليس من أجل هذه اللحظة التاريخية”، بعد أن انتهيت من كتابة كلماتي اتصلت بأحد أصدقائي المقربين لأحدثه عن قلقي وخوفي على مستقبل هذا الوطن وبعد أن قرأت عليه ما سطرته في المقال خاطبني قائلا: (ويحك يا “شفيشو” أمن الدولة!) فكان ردي عليه تلقائيا: (بل إن ما أكتب عنه من طموحات الشعب وأحلامه ورغبته فى أن يعيش في حرية وكرامة وعدالة ومساواة هو الأمن الحقيقي للدولة، فبعد أن نال الشيب مني وقد شاركت وساهمت في محطات نضالية شتى كان آخرها النضال في صفوف حركة 20 فبراير المجيدة ها أنا لازلت أنتظر اللحظة لحظة اسقاط الفساد فإن لم تأتى وإن لم تكن فهذه شهادة للتاريخ حتى لا تقول عنا الأجيال القادمة أننا كنا من الأغبياء والبلهاء).

شاهد أيضاً

اليوسفية: مدينة تُقصى من الذاكرة الإعلامية رغم حضورها في قلب المشروع الفوسفاطي

الواجهة مرة أخرى، تجد مدينة اليوسفية، ذات التاريخ العريق في استخراج الفوسفاط، نفسها خارج التغطية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *