بقلم حميد وضاح
مرحبا بك سيدي العام الجديد، أيها المتلون، أيها الزئبقي، أيها الغادر الهادر، فأنت لن تكون ابن حرامي، بدون رحم وذاكرة حتى تكون رحيما بنا ضد الصورة التي رسخها إخوتك اللائي سبقوك من الأعوام، وأنا على يقين أننا لن نسعد فيك ولا بك، كما أني على يقين أنك لن تكون إلا إعادة إنتاج ما عشناها من معاناة ومحن فيما سبقتك من سنوات.
أيها العام الجديد، هكذا ترسخت صورتك في وعيي الشخصي حتى قبل ان تحل واقعا: يحذوني كبير الأمل، ككل إنسان، أن أدخل محرابك وأنا قد تطهرت من كل عللي وخيبات أملي وأعلق على كاهلك أطنان الآمال، وشتى الانكسارات التي طلعت بها من حصاد السنة السابقة، لكن سيدي العام الجديد، ما ان تحل كلحظة آنية واقعية، حتى تتحول أماني وآمالي إلى آلام جديدة، يحول معها التوقان إلى الانتصار إلى انكسار، والفرح إلى حزن، والسعادة إلى ما يشبه الشقاء، والحلم إلى أضغاثه، والابتسامة إلى أنين صامت…
أي سعادة ستأتينا بها يا هذا العام الجديد، وبوم الشؤم تحلق في سمائك الملبدة بالغيوم، فهاهي كورونا كل شهر تعثر على ابن من أبنائها التائهين وتضيفه إلى قائمة المحاربين الفتاكين باسمها، وها هي الأسعار تشتعل فيها نيران الجشع واستغلال الظرف الكوروني ،الذي لن يجود الزمن الاقتصادي والسياسي بمثله، وها هي البطالة في سباق محموم لاحتلال المراتب الأولى في سلم الازمة الاقتصادية بسبب كورونا، وها هي الجرائم في خط تصاعدي، حيث لا يمكن أن يمر يوم دون أن تتحفنا العديد من المنابر الاعلامية بالعشرات منها، وها هو الشارع العام في غليان مستمر، لا يتوقف عن المطالبة بتحقيق العدالة الاجتماعية، وها هو المغرب يواجه تكالب العديد من الدول، بدأ من دولة العصابات وانتهاء بدولة الملاليين والدراويش، ومرورا بدولة بورقعة، وفي هذا كله على المغرب أن يدافع في كل الاتجاهات وأن يظل يقظا على الدوام.
فبالله عليك أيها العام الجديد أي سعادة سأربطها بقدومك وأنا غارق في يأسي ،وفاقد الثقة فيك، لأن تجاربي مع السنوات الخوالي علمتني آلا أثق وألا أنشد سعادة أو أملا في أي سنة جديدة.
فتفضل أيها العام الجديد، فالباب مفتوح ، ادخل كما تريد واخرج كما تريد، لكن لن تسمع مني أنني أهنئ أصدقائي بقدومك كما لن تجد مكانا يليق في مقامك في جغرافية قلبي، فأنت لا تستهل، لأنك ماكر ومخادع وزئبقي، مستعص على القبض للقصاص والانتقام.