بقلم حامد وضاح
ما وقع يوم 8 نونبر بالمحكمة الابتدائية يعد سابقة في القضاء المغربي، ويدفع بنا جميعا إلى الاعتقاد الجازم أن قضاءنا ما عاد مسموحا له أن يظل بعيدا عن التحولات البنيوية التي يعرفها المغرب في كل المجالات منها السياسية والاقتصادية والحقوقية والاجتماعية…. فما اعتدنا عليه مع فضائنا المغربي أن كل مستهلك للمخدرات هو مشروع سجين عندما يقع في يد الامن، فكنا من حيث لا ندري عوض أن نحارب الجريمة نزيد في حجمها وعددها حتى ضاقت سجوننا لدرجة لم تعد تقوى على احتضان المزيد من السجناء، فكم من مواطن كان بالإمكان ألا نصنع منه مجرما لو اتبعنا طريقا آخر، وثقافة قضائية بديلة تبحث في كل الظروف، وتتبع منها ما يمنح الانصاف بدل التقيد بحرفية القانون.
وتأتي الاستجابة للقطع مع هذه العقلية القضائية التي غدت متجاوزة بفعل التحولات التي تعرفها بلادنا وخاصة مدينة القنيطرة – التي تزخر بثلة من القضاة النزهاء والمتشبعين بثقافة قضائية جديدة -، حيث أصدر الأستاذ عبد الرزاق الجباري، القاضي في المحكمة الابتدائية في القنيطرة حكما غير مسبوق في قضية إدمان على المخدرات بعد أن قضى بعدم مؤاخذة مواطن متهم باستهلاكه للمخدرات لعدم إشعاره من طرف النيابة العامّة بحقه في العلاج من الإدمان، وهو الحق الذي يكفله الفصل 8 من ظهير 21-05-1974، حيث لم يعرض وكيل الملك على المتهم إخضاعه للعلاج. وهذا يعني أن المتهم عوض أن يذهب للسجن لمضاعفة معاناته، سيذهب لمصحة قصد العلاج، والدولة هي التي ستتكفل بعلاجه.
خلاصة القول أن السيد وزير العدل السيد عبد اللطيف وهبي في مداخلته بقبة البرلمان خلال حديثه عن ميزانية قطاع العدل، أعطي الإشارة، ومحكمة القنيطرة التقطتها وتفاعلت معها إيجابا وبسرعة ما يعني أن قضاءنا لا تعوزه النصوص بقدر ما تعوزه الشجاعة لتطويعها لتستجيب لرهانات المغرب المستقبلية.