بقلم مصطفى ازريك
هل ستنال جماعة كرامة، بإقليم ميدلت، بطاقةَ الانخراط في نادي المدن والبلدات التي تحتضر وتصارع الجُواد( وهو العطش القاتل)، وتسارع إلى إعلان انتمائها إلى المناطق المنكوبة على غرار زاكورة وتنجداد، وغيرهما من خرائط المغرب المنتفع به؟ كل المؤشرات والقرائن توحي – للأسف – إلى أن هذه البلدة الوديعة ستنضم إلى قوافل المناطق التي تعاني من شحّ في( أصل الحياة)، وإلى أن سنوات الوفرة في الماء قد ولّت إلى غير رجعة! فقد أصر المكتب الوطني للماء الصالح للشرب على تقديم هدية مسمومة إلى الساكنة، عشيةَ عيد الأضحى الأبرك، لُفَّت في انقطاعات متتالية لصبيب الماء، وفي أوقات الذروة، دونما اعتبار لقدسية المناسبة، ودونما تقدير لآثار موجة القيظ والرمضاء، ودونما التفات إلى أهمية الماء في الوقاية من الوباء المتربص… والأنكى أن المسؤولين محليا أصروا على اتباع سياسة النعامة، وعلى ترديد: ( كم حاجة قضيناها بكتمانها!)؛ حيث لم يكلّفوا أنفسهم عناء الإخبار والتواصل مع المتضررين، في ضرب سافر للحق الدستوري في الحصول على المعلومات، وفي تكريس فاضح لسلوكات غير مواطنة؛ مما فتح الباب على مصراعيه لتناسل الإشاعات.
ولئن كانت هذه الأزمة العارضة تكشف عن غياب المراقبة والتتبع، وعن انعدام الرؤية الاستباقية في التصدي للصعوبات التقنية؛ فإنها تعري واقع الاختلالات الهيكلية التي تتخبط في أوحالها كرامة، وتتصل بإفلاس مشاريع التنمية محليا، وباتباع سياسة صمّ الآذان عن تظلمات الساكنة وتعرضاتها على كثرة الآبار والثقوب الفلاحية المتناسلة كالفطر. أضف إلى ذلك، الاستهلاك المفرط الذي بلغ معدلات فلكية بعد تحول البلدة إلى مدينة تكاد تكون مليونية جرّاء الفشل الذريع في تدبير ملفات الإسكان والبناء…كل ذلك جعل الفرشة الجوفية غبر قادرة على الوفاء بالطلب المتزايد، خاصة في المواسم الأخيرة حيث يضرب الجفاف الأطناب.
وفي انتظار تفاعل المسؤولين محليا ومركزيا، بشكل إيجابي، مع مطالب التصدي لعمليات الحفر والبناء العشوائية، فإن المواطنين القلقين على أمنهم المائي لن يتوانوا في طرق كل الأبواب لتأمين حقوقهم المتصلة بالطبيعة وبالمواطنة.