المتابعة: محمد بوفطيحي
مساعد التقني الملقب بفارس الغابة… موظف غامض يعمل بالظل و بالظلام منذ إنشاء الإدارة الغابوية تحت العهدة الإستعمارية الفرنسية، عملت هذه الأخيرة على وضع بصمتها و نظمها على الثروات الطبيعية للمملكة الشريفة بواسطة موظفين ومساعدين مرسمين أو موسميين موضوعون تحت مجهر أطر فرنسية لها كفاءة التدبير والتسيير.
فالتاريخ هنا واضح بشأن الموروث الإستعماري لتسيير أمور غاباتنا وبيئتنا لكن العقلية المغربية اعتمدت على الترسانة القانونية الغابوية بطريقة عمياء دون تنقيح أو تتميم وتمثين بنوذ استعمارية جعلت فراغات مهولة ترهق كاهل القائمين بتنفيذها نظرا لعدم ملائمتها ومسايرتها للواقع المغربي.
من بين هذا الخضم ولدت فئة غابوية توضع علامة استفهام أولية عن هويتها الأصلية وعن مسطرة تثبيثها داخل دهاليز الإدارة الغابوية، ألا وهي فئة المساعدين التقنيين الموصوفين بفرسان الغابة.
لقد شاهد وتابع المجتمع المدني صرخات البيئيين حول المجازر التي تتعرض لها الغابات المغربية وبكل أماكن إستطانها إذ منها ما دقت في شأنه عدة جمعيات مدنية ومهنية بيئية ناقوس الخطر، كذلك آخر صرخة وخرجة إعلامية لقيدوم المهندسين الغابويين السيد أحمد بوكيل، المتقاعد حاليا، لكنه لازال يتابع شؤون الغابة والبيئة التي عمل على حمايتها وتنميتها منذ إرتدائه لزي المهنة الغابوية، متسائلا: أين هو الخلل لترتكب مجازر ضد أشجار أرز الأطلس، الشجرة النبيلة والمعمرة التي أسالت المداد في عدة مخططات حكومية وبرامج منظمات وجمعيات بيئية وأيضا بتنظيمات المنتزهات والمحميات الطبيعية زيادة على تصنيف معاهدات واتفاقيات وطنية ودولية…
جعلنا هذا الشخص الغيور على موروثنا الطبيعي من البحث والتنقيب، داخل الأرشيف وبقراءة مابين السطور، فوضعنا تساؤلات حول المسؤول الرئيسي لما تتعرض له الغابة من غدر، فوجدنا أنه كيف يعقل أن نعين شخصا دون تكوين عسكري أو مهني أو إداري يتماشا وخصوصية الإدارة الغابوية، بمنطقة لمدة غير محددة ودون تحمله لمسؤولية الأشخاص المحلفين لأداء مهامه ودون وضع إسمه بتقارير وشؤون إدارية غابوية… أي أنه موضوع رهن ضميره لأداء مهامه.
فخير مثال على ذلك ما وقع بمنطقة ”تقجويين إديكل” حيث أن مساعد التقني عرف بمساندته للمخربين البيئيين وكانت أقواها فبركته لملف سرقة مواد غابوية محجوزة وموضوعة بمستودع غابوي معزول وبعيد عن المراقبة ليفاجأ الرأي المغربي قاطبة بتأديب التقني الغابوي، حديث التوظيف والتعيين، المتحمل للمسؤولية المدنية والقانونية لكل ما يدور بجهة نفوذه دون توفير أدنى الوسائل المساعدة والضرورية لأداء ترسانة ثقيلة من المهام، إذ تم نفيه إلى أقصى نقطة بالمملكة المغربية وهي صحراء بئر كندوز الداخلة، حين تم تمتيع المساعد التقني بظروف التخفيف وتم إعادة تعيينه بنفس الإقليم وبالقرب من عائلته.
هذا مثال من بين ألف الأمثلة التي أيقنا منها بحكم إنخراطنا بجمعيات بيئية وأدائنا لمهام تطوعية لحراسة الوحيش البري والأحياء المائية القارية زيادة على احتكاكنا المستمر مع الأطر الغابوية الميدانية، مما جعلنا ندق ناقوس الخطر حول محل فئة المساعدين التقنيين القائمين بدور فارس من المسؤولية الغابوية في ظل الرهانات المستقبلية للقطاع الرامية إلى تنمية مستدامة وحماية مجتمعية (مدني_موظف) للمنظومة الغابوية المغربية.
التقنييون الغابوييون يعانون كثيرا من تصرفات مساعديهم اللامسؤولة داخل نفوذ إختصاصاتهم، فلا هم لأداء مهامهم الميدانية الشاقة والصعبة ولا هم لأداء مهامه المكتبية الإدارية ولا هم يعطون الإهتمام اللازم لعائلاتهم البعيدة عنهم في غالب الأحيان… هكذا فثقل المسؤولية دائما ترمى على عاتقهم دون النظر لمعاناتهم، فقد يعين بعضهم بمنطقة جديدة عليهم ويجدون أمامهم مساعدا لهم قديم وحافظ لتضاريس الميدان مما يضعهم تحت رحمتهم وفي غالب الأحيان إلى ابتزازاتهم وتهديداتهم من أهمها تخريب منطقة مسؤوليتهم لكون هؤلاء المساعدين لا يتحملون أي مسؤولية مدنية أو قانونية منظمة بل تخضع ضمائرهم المهنية لإملاءات خارجية يحددها ما كانوا يزاولونه سابقا قبل تعيينهم بمناطق الوحدات الغابوية ومدهم بزي نظامي مهني وإشارة صدرية مهنية دون تلقينهم لضوابط المهنة الشبه عسكرية… فالإدارة الغابوية عند غض النظر عن خروقات هذه الفئة إنما تصب الماء على الزيت لخلق البلبلة والفئوية داخل تريانتها البشرية والعواقب لذلك يؤدي ثمنها موروثنا الطبيعي.