لأول مرة ربما يتعرف المشاهدون عن قرب على صانع المواهب الكوميدية وملك السخرية على النت الفنان طاليس. بعدما سيطر على الإشهارات في اليوتوب، واحتكر العروض الساخرة على المسرح بقطيع من الكوميديين، تمدد طاليس على التلفزيون بشكل مهول. وتبين للجميع أن ما يصلح على اليوتوب لا يمكنه أن يكون صالحا على شاشة التلفزة.
المشاهدون على اليوتوب يشاهدون الأعمال الساخرة على هواتفهم أو حواسيبهم كأنهم يطلون من نافذة على الزنقة دون حرج، وحتى على غرفة نوم الجيران دون حياء… لدرجة يمكنهم أن يتابعوا أفلام البورنو دون مشاكل. لكن على التلفزيون شيء من الحياء يمارس الرقابة على جميع الأطراف. وبالتالي ما كان يبدو مضحكا على الأنترنيت، يصبح على التفزيون "تخربيق" وقلة حياء.
لهذا قد يكون ما يقدم على شاشة التلفزيون حامضا جدا، لكن ما يقدمه طاليس وفرقته ليس حامضا فقط، بل وفاسدا. ولست في موقع يسمح لي بكتابة عريضة تطالب بإيقاف هذا الخطر الذي يهدد المواطنين قادما من تلفزيون يموله الموطنون.
لم يكن طاليس وحده النموذج الحي للكوارث الفنية التي خرجت لنا من الشاشة. هناك مخلوق آخر اسمه مراد العشابي، هذا الشاب نشر على صفحته الفايسبوكية أسبوعا قبل رمضان تدوينة غريبة قال فيها: " كنت اقول دائما أن أغلب برامج رمضان رديئة باستثناء بعض الفلتات. وهذه الأعمال التي شاركت فيها واحدة من هذه الفلتات اللي حفظها الله من ريحة الحموضة. ولنا لقاء بعد بثها، ومسؤول عما أقول" .
وكل من لا يعرف الصحفي بجريدة الأخبار والفنان الكوميدي و الناقد مراد عشابي سيتوقع أن يراه في سيتكوم خالي من الحموضة التي تعاني منهما كل الأعمال الفنية الرمضانية الأخرى حسب تدوينة مراد. لكن بالنسبة للذين يعرفون هذا الكوميدي من خلال الأدوار التي لعبها متأكدون بأن ما سيقدمه سيكون حامضا، وأن تدوينته تدخل فقط في إطار "تخراج العينين". فهو في أدواره يريد أن يعطي فيها الانطباع بأنه خفيف الظل، ويريد أن “يضحكنا”، لكنه يفشل. ويريد أن يقلد خاله الفنان الساخر أحمد السنوسي في الثقة بنفسه، وفي بعض حركاته، فلا يسعفه محتوى ما يقدمه في أن يكون شبيها بخاله الساخر العميق.
لهذا، وعند مشاهدة إحدى فلتاته التي حفظها الله من الحموضة كما قال، كانت الصدمة. سلسلة اسمها "إسعافكوم" تنفجر بكمية حموضة فاقت جميع المستويات، لدرجة أن السلسلة حطمت الأرقام في نسب المشاهدة على اليوتوب، وحطمتها أيضا في نسب التعليقات المنتقدة للحلقة، انتقادات تلعن محمد الخياري وسكينة درابيل وطبعا مراد عشابي الذي نال نصيبا كبيرا من هذه الانتقادات أتمنى أن يقرأها، ليعرف ماذا سيكتب في التدوينة اللاحقة. تعليقات كثيرة تلعن اليوم الذي اختار أن يكون فيه عشابي فنانا، وتلعن من أعطاه الفرصة. وبالتأكيد أن هو سعيد بذلك، لأن ليس المهم أن يرضى المشاهدون عما يقدمه لهم، ولكن المهم أن يشاهدوا ويشاهدوا بكثرة.
الغريب في هذا الثنائي طاليس وعشابي (إضافة إلى رشيد العلالي الذي رفع عنه القلم) أنهما معا ووجها بخصوم يكشفون لهم وجوهم الحقيقية. فطاليس تعرض إلى اتهامات بكونه يسرق جهد الآخرين، ويحوله إلى أموال يستفيد منها هو وحده، ومن يعترض يواجهه بكلام ساقط ساقط جدا. والثاني متهم بكونه يستغل صفحته "الفنية" في الجريدة ليهاجم المنتجين والمخرجين، فكلما هاجم منتجا أو مخرجا… إلا وكان له دور في أحد أعمالهم خلال الأيام التالية.
أنا لست ضد طاليس، هو حر في أن يفعل ما يريد، ففي البلاد قانون يعاقب المجرمين. ولست ضد عشابي، فهو أيضا حر، وفي البلاد أيضا أجهزة تردع المفسدين… لكنني ضد أن يقدما كل ما يقدمانه من حموضة، ويحتفظان بالجرأة في تقديم نفسيهما كفلتتين من فلتات الزمان. لهذا، رجاء… إذا لم يستطع أحد أن يوقف هذه المهازل، فليلزم أصحابها بأن يتوقفا عن تخراج العينين، ويلتزما بقليل من الخجل والكثير من الحياء.
هذه المادة الاعلامية تعبر عن وجهة نظر كاتبها
Facebook: Achraf Ben Jilali
Email. : ahmed.achraf1@gmail.com