رغم أن جهة سوس ماسة تزغر بثروة مائية جوفية جد مهمة، فإن عوامل مرتبط بجفاف المناخ والتواجد المتزايد للعنصرالبشري بالمنطقة كانا لهما تأثيرا سلبيا بالغا على الفرشة المائية بالجهة سوس ماسة سواء على المستوى القروي أو الحضري.
تزخر جهة سوس ماسة بثروة مائية جوفية مهمة، تمثلها فرشة مائية صنفتها وكالة الحوض المائي لهذه الجهة إلى فرشة مائية تخص المجال القروي، وأخرى تخص المجال الحضري.
وتعرف الفرشة المائية بالمجال القروي؛ استغلالا مفرطا لثرواتها المائية عبر سقي المنتوجات الزراعية التي تساهم في التنمية المستدامة. إلا أن الري بشكل غير معقلن وقلة التساقطات المطرية؛ ساهما في انخفاض منسوبها تدريجيا بمعدل قد يصل إلى 2م أو3م، كما تتعرض الفرشة المائية للأنشطة الفلاحية المكثفة، التي توفر كميات هامة من بقايا التسميد والمبيدات غير المعقلنة التي تؤدي إلى تلويثها، حيث مع توالي السنوات أخذت تتأثر بالمياه المالحة لتنتقل مياهها من عذبة صالحة للنمو الزراعي إلى مالحة تنعكس سلبا على جل الزراعات
أما بالنسبة للمجال الحضري "بمدينتي أكادير إدوتنان و إنزكان-ايت ملول، فبباطن أراضيها تتموضع فرشة مائية لا توظفها وكالة الحوض المائي ولا المكتب الوطني للماء الصالح للشرب لجهة سوس ماسة في تزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب لأنها تزود بواسطة سدي عبد المومن وسد مولاي عبد الله، إلا أنها تساهم في التنمية المستدامة وذلك باعتبار" أكادير-إدوتنان" تزخر بمؤهلات سياحية حيث تضم العديد من الوحدات الفندقية المصنفة، وتحتوي على مسابيح عديدة تمتلئ بمياه الفرشة المائية، كما أن "الكولف الملكي" و الغطاء النباتي والحدائق العمومية والحمامات ونظافة الشوارع الكبرى للمدينة تستغل مياهها قصد آداء وظائفها الحيوية .
هذا وفي إطار توسيع بحثنا حول هذا الموضوع، اتجهنا في البداية وبصفتنا تلاميذ وتلميذات ثانوية حمان الفطواكي التابعة للمديرية الإقليمية ل"إنزكان-ايت ملول"، إلى مينائي المدينة الجديد والقديم، نظرا لأن قطاع الصيد البحري يعتبر من أهم القطاعات الحيوية بالجهة، إذ تحتل جهة سوس ماسة الرتبة الأولى وطنيا من حيث القيمة والثالثة من حيث الكمية، لكن الملاحظ من خلال هذه الزيارة المقتضبة لمينائي "أكادير إدوتنان " المختصان بالصيد في أعالي البحار والصيد الساحلي والصيد التقليدي، أن المياه الزرقاء تعرف تلوثا طفيفا، خاصة بالزيوت النفطية ومخلفات أخرى، وقصد البحث عن استفسار لذلك استقبلنا المندوب الجهوي للصيد البحري والذي قدم لنا شروحات وتوضيحات من طرف ونائبه حيث أوضح في هذا الصدد أن قبطانية الميناء تسهر على زجرها عبر غرامات مالية وعلى محاربة هذه الظاهرة بواسطة المطهرات، وذلك للحيلولة دون تأثر المياه الجوفية بها .
في نفس السياق وقصد تتبع خطر الثلوث الذي تعرفه الفرشة المائية الحضرية بالمنطقة، انتقلنا إلى مطرح للنفايات بمنطقة " تملاست" والذي تديره شركة متعددة الجنسيات Tecmed Maroc عاينا بالمطرح تموضع خمسة أحواض تستقبل عصارة النفايات " الليكسيفيا " في حين يوجد حوض سادس في طور البناء؛ وتعتمد الشركة من خلال هذه العملية على تقنية التبخر وتبتعد عن الفرشة المائية بحوالي 20 م . إلا أن هذه الأحواض والمطرح عامة تتواجد فوق طبقات صخرية طينية غير نفودة، حيث صمم قعرها وجوانبها بغشاء من الجيوتكستيل ممزوج بمادة "البيطونيت " تحول دون عبور عناصر العصارة السامة نحو الأعماق، وبالتالي لا تستطيع تلويث مياه الفرشة المائية.
ومن خلال الزيارة التفقدية للمطرح لاحظنا أن مختلف فضاءاته تتسم بالقدم، كما عاينا سياسة التشجير على سطحه ، حيث يضم حوالي سبعة آلاف شجرة جلها شجر الأركان والزيتون والرمان يتم سقيهم بتقنية الري التكميلي أو الموضعي لكي لايسمح للجذور بالبحث عن الماء بأعماق بها نفايات تم طمرها
وفي هذا السياق أوضح مسؤول عن الشركة التي تدير المطرح،أنه تم أخذ عينات من زيت الأركان والزيتون وتم فحصها في مختبرات التحاليل المتخصصة، حيث تبين لهم أن الزيوت غير متأثرة بالنفايات المطمورة، علاوة على ذلك وضح المسؤول عن المطرح؛ أنه سيتم الشروع في توظيف العصارة للتنمية المستدامة عبر تدويرها وفرزها عقلانيا ، وتحويل موادها العضوية إلى سماد عضوي وإلى إنتاج البيوغاز.
كما أشار المسؤول إلى مسألة الأهمية التي يوفرها المطرح على مستوى تبديد النفايات، موضحا بأن المطرح يستقبل نفايات عشر جماعات ترابية بعضها تبعد عن أكادير ب 44 كلم كنفايات اولاد تايمة
بقي أن نشير في الختام أنه في إطار تخفيف عدد من الضغوطات التي تمارس على الفرشة المائية القروية، فقد ترأس بالمنطقة صاحب الجلالة الملك محمد السادس أثناء زيارته لأكادير حفل تقديم إطلاق التنزيل الجهوي لمخطط التسريع الصناعي 2014/2020 وقد تم من خلاله التوقيع على إحدى عشرة اتفاقية من بينها تسريع إنجاز محطة تحلية مياه البحر ، لتوفير كميات كبيرة من الماء التي تستعمل خاصة للري، كما احتضنت مدينة أكادير فعاليات النسخة التاسعة لتقديم جوائز للفلاحين في قطاع الخضر والفواكه "تروفيل" تحث شعار قنوات تصدير نحو إفريقيا الغربية لتكريم كل الفلاحين الذين يحترمون الشروط و المعايير الدولية بخصوص استعمال الأسمدة والمبيدات وسقي مزروعاتهم وخدمة لمساهماتهم في التنمية المستدامة وانعاش اقتصاد البلاد عبر تشغيلهم ليد عاملة وفي إنتاج وتزويد منتوجاتهم الأسواق الداخلية والخارجية .