لم تكشف قصة حمزة الدرهم عن مغرب آخر يعيش مواطنوه رفاهية وثراء فاحشا لا علاقة لها بمغرب الفقر والبؤس والهشاشة الذي يعجز عن إنقاذ طفلة مريضة من الموت، بل كشفت أيضا زيف كل الإدعاءات والأكاذيب التي يروجها المسؤولون عن مغرب الحق و القانون، وعن بلاد يتساوى فيها الجميع بغض النظر عن أسماء الناس وانتماءاتهم العائلية والقبلية…
لقد كشف حمزة الدرهم أن هناك مغاربة قد يدمرون سيارة فيراري دون أدنى شعور بالأسف في الوقت الذي يموت فيه ملايين المغاربة من الأسف إذا فاتتهم الحافلة لتنقلهم إلى بيوتهم متعبين.
وعلى خلاف العديد من المقالات التي تم نشرها عن الحادثة، أتفق مع البعض واختلف مع الآخرين. وأحترم كل الأقلام رغم اختلاف الافكار.
قد يستغرب الكثير عندما أعلن تضامني مع هذا الشاب المتهور المسمى حمزة درهم، فهو أولا و اخيرا مجرد ضحية.
لنر القصة من هذه الزاوية؛ شاب في مقتبل العمر شاءت الأقدار أن يزداد وفي فمه ملعقة من ذهب، عاش حياة رفاهية لم تسمح له بأن يعرف معنى الإحساس بالمسؤولية، أو حتى بالخطر… وفي عائلة يراها تملك كل القدرات لتشتري ما تريد في هذه البلاد، ولتفعل ما تريد كما تريد وقتما تريد.لا من يوجهه أو ينصحه.
إن ما حز في نفسي في هذا الفيديو هو أن بعض رجالات الأمن لازالوا لم يستوعبوا بعد الاستراتيجية الجديدة التي أتى بها السيد الحموشي الذي قطع مع كل فساد العهد القديم، و كسر قاعدة باك صاحبي في اكثر من مناسبة. ولعل كل موظفي الأمن الوطني يعلمون جيدا عقلية مديرهم الجديد الذي شدد على تخليق الجهاز عبر تضييق الخناق على المسؤولين الأمنيين في علاقاتهم الخارجية خاصة من تربطهم علاقات مشبوهة. و لقد رأينا كيف أصدر السيد الحموشي تعليماته بتتبع مسطرة البحث و التقصي في حق كل من من تربطهم علاقات مشكوك فيها، ورأينا كم من المتابعات القضائية التي توبع فيها العديد من رجالات الأمن الذين لم يستوعبوا هذه القرارات.
لعل ما أغضب الشارع المغربي ليس فيديو حمزة درهم. لكن اللامبالاة الذي عومل به رجال الامن من طرف هذا الشاب المستهتر حيث رأينا رجل أمن كالحمل الوديع الذي لا حول له و له قوة، يبدو خاضعا يردد في نفسه "سير الله يلاكيها ليك يا البرهوش".
لسوء حظ عائلة الدرهم أن ما قام به ابنهم، فعله والإدارة العامة للأمن الوطني يديرها شخص في حجم الحموشي لا يبالي بالاسماء العائلية و لا المكانات الإجتماعية. و لسوء حظهم الثاني، أنه فعل ذلك في زمن مواقع التواصل الاجتماعي الذي أطاحت بأنظمة رئاسية ديكتاتورية، فما بالك بشاب طائش.
تضامني مع حمزة لا يعني أني اتفق معه، بالعكس فانا أشجب كل التصرفات التي قام بها، وان كانت هذه التصرفات تستلزم إعادة التأهيل في أحد السجون بعد صدور أحكام قضائية ليكون عبرة للعديد من لا يزالون يعتقدون أن نسبهم يجعلهم فوق القانون. ولكن، حجتى وإن سُجن هل سينصلح الوضع؟ كلا.
لنتذكر ابنة الزعيم النقابي المحجوب بن الصديق التي دهست عمالا بالقنيطرة. تنازل العمال عن الدعوى، واعتقلت ليلى بن الصديق، ولكن خلال اعتقالها ظلت بنت الفشوش، حيث حظيت بمعاملة تفضيلية ليتم الافراج عنها بسراح مؤقت.
وحكايات اولاد الفشوش ليست وليدة اليوم. وستتكرر. ولعل اكبر فئة تعاني من تسلطهم و جبروتهم هم رجال الامن الشرفاء الذين بمجرد ما يشرعون في إجراء المساطر القانونية حتى تبدأ الاتصالات اما للإفراج عنهم او تغيير المحاضر.
ما بين حمزة الدرهم و ليلى بن الصديق تختبئ غابة من الانتهازيين الفاسدين الذين يضرون بصورة بلدهم و يضرون برجالات بلادهم الشرفاء، وكأن هؤلاء الفاسدين المارقين يؤمنون بمقولة "المغرب مغربان، مغربنا ومغرب الدرهم".
Facebook : Achraf benjilali
Email : [email protected]