تجند عدد كبير للسلطات بدوار حد العونات التابع لجماعة مطران إقليم سيدي بنور من أجل توفير الخدمة وفك العزلة على الأم رحمة الأرملة لمدة أربعون سنة وابنتيها كل من(يزة) 40 سنة و(فاطمة) 52 سنة,أي بعد نصف قرن من التكبيل بالسلاسل الحديدية داخل الكوخ بنفس الدوار.حيث سخرت لهدا الغرض لجنة تتكون من السلطات المحلية وعلى رأسهم سيد عامل المنطقة وقائد الدرك وقائد وحدة الوقاية المدنية وكذلك ممثل الساكنة في شخص رئيس جماعة مطران,كل هذه الإمكانيات المادية والبشرية الكبيرة خلال عملية التنقيل وهي عبارة عن سيارة إسعاف حملتهم إلى المستشفى لم تأتي محض الصدفة, بل بعد الضجة التي أثارها الفيديو المنشور للأم رحمة رفقة بناتها داخل العالم الافتراضي وتجاوب عددا من المواطنين على عدة مواقع من أجل التدخل والمساعدة, الشئ الذي أحرج المسؤولين بالمنطقة وتدخلت لإنقاذ ماء الوجه لا غير.
نحن هنا نتكلم عن الأم رحمة، تكاد أن تتميّز عن غيرها من المبدعات بتمحورها في قصتها ورواياتها المختلفة حول هموم المرأة الخاصة جدا: الجسد، الزمن، الوحدة وسردها للمحن التي عاشتها ولزالت تعيشها وهي مغمضة العينين تتجول متسولة بالأسواق الأسبوعية لسد رمق ابنتيها المريضتين.
لم تستلم الأم رحمة إلى همسات الزمان التي تكاد تخنقها حيث تشعر بالإهمال والغربة والضجر والتّهميش ممّا يوصلها إلى درجة الجنون. بل قاومت وكافحت من اجل البقاء, لم ترو قصّة حياتها لنا بصورة مباشرة، وإنّما اختارت مَن يروي القصة عنها لتُعطي نفسَها حيّزا أوسع من الحريّة في البوح والتّفاصيل وطرح الأفكار، وحتى لا يسم البعضُ روايتها بالسّيرة الذاتية، كما فعلوا مع روايات أخرى لها. فالأم رحمة تُريد أن تكشف عُهرِ ظروف التي تعيشها، وظلم المجتمع في محاسبته المرأة على كلّ تصرّف من تصرّفاتها. السؤال المطروح: كم من أم مهمشة بالمنطقة وهل ستكون هناك استمرارية في العناية؟ أم هي حملة إطفاء للرأي العام وأخذ بعض السيلفيات للذكرى وتأكيد الحضور…
إعداد: يونس غلة