
وأخیرا، كان لابد أن یأتي رئیس أمریكي مثل ترامب لیُظھر الشعب الامریكي معدنه الأصیل.
فقد خرج رغم قساوة البرد في مظاھرات كي یعبر عن رفضه لقرارات رئیسھم المنتخب التي تعید الإنسانیة إلى عھودھا المظلمة.
مسیحیون مسلمون، ملحدون، یھود، لا دریین… كلھم اتحدوا صوتا واحدا قبضة واحدة لنصرة مواطني سبع دول إسلامیة حُرّمت علیھم الأراضي الأمریكیة، لا ذنب لھم سوى أنھم ینتمون لبلدان لم تكن یوما خارج المخططات الأمریكیة، ودمرتھا أسلحة أمریكیة، ونھبت ثرواتھا شركات أمریكیة، وزعزعت استقرارھا أدوات أمریكیة.
خرج الشعب الامریكي لیعلن مجددا بھذا التضامن أن لا قوة تعلو فوق الدستور والقانون الامریكي منتصرا بذلك للقیم الانسانیة التي ضحت الشعوب من أجلھا، منتصرا للدیمقراطیة والحریة وحقوق الإنسان.
وھذا انتصار لكل الأقلیات في دول العالم، وھزیمة نكراء لكل القوى العنصریة المعادیة للانسانیة ولقیمھا النبیلة. خاصة وأن وجوھا مؤثرة قد شاركت في ھذا التضامن كالممثل العالمي بن أفلیك الذي احتج بطریقته الخاصة، ونشر على صفحته الرسمیة تدوینة مزلزلة قال فیھا: «لقد قتلنا من المسلمین أكثر مما قتلوا من صفوفنا بفارق كبیر”. حتى مادونا ثارت بطریقة اثارت الجدل، حیث أعلنت أنھا تفكر في تفجیر البیت الأبیض لكي تتخلص من ترامب. فكان رد مناصري ترامب فوریا، حین أعلن رادیو تكساس منع أغاني مادونا من البث على امواج الإذاعة.
لقد تأسست حملة ترامب الانتخابیة على شعار جعل أمریكا عظیمة مرة أخرى. أي أنھا في الوضع الراھن لیست كذلك. وھذا ما جعل بعض معارضیه یعتبرون أن ھذا الشعار فیه إساءة لأمریكا و لشعبھا. لأن أمریكا كانت وستبقى دائما أمة عظیمة. عظیمة بقوانینھا التي تساوي بین المواطنین مھما تنوعت أعراقھم وتعددت دیاناتھم وألوانھم. ولقد تأكد أن أمریكا فعلا عظیمة بشعبھا، بالمظاھرات المناھضة لقرارات رئیسھا العنصریة. وھذا الشعب العظیم یرفع صوته الآن عالیا لیصل إلى كل شبر في الكرة الأرضیة، یحمل رسالة بسیطة تتلخص في كلمات: “أمریكا أرض لكل إنسان، له فیھا الحریة والكرامة والحیاة ما لم ینتھك القانون”.
شكرا شعب أمریكا العظیم. شكرا لكم ایھا الخارجون في الشوارع تحت البرد القارس كي تمنعوا الاعتداء على كرامة وحقوق مسلمین. وذكّرتم العالم مجددا بأن زمن إھانة الانسان للإنسان انتھى، وبأن عھود التمییز العرقي والطائفي والدیني ولّت بغیر رجعة. وأن زمن الحاكم الأوحد الذي یعتقد بأن منصبه یسمح له بانتھاك القانون قد صار جزء من الماضي.
فیا لیتنا منھم تعلّمنا وخرجنا نرفض قوانین تنتھك حقوق المواطنین المسلمین، أو لیتكم تعلّمتم منھم أیھا الحكام وتذكرتم أن في البلدان التي تحكمونھا مواطنین محرومین من أبسط الحقوق، وذنبھم الوحید أنھم ولدوا في بلدان أنتم حكامھا. لیتنا فعلا نتعظ كمسلمین حكاما ومواطنین من الدروس و العبر مما وقع في أمریكا، من انتصار للكرامةالإنسانیة وتكریم الإنسان قبل الأدیان، وأن قوة الشعوب أقوى من جبروت الحكام.
فیا شعب أمریكا العظیم شكرا لكم لوقفتكم معنا، شكرا لتضامنكم… ھذا جمیل لن ننساه.
Facebook : Achraf Ben Jilali
Email : [email protected]