حريري ابراهيم
نظن مخطئين أن ذكرياتنا هي جزء من واقع فعلي، وقع ذات زمن بعيد. نسرده ذكريات وأحيانا بطولات ومرات كثيرة، مخاوف وهواجس. خطأ. الذكريات تشمل أيضا حيوات تمنيناها أو خفنا منها، إنها ذكريات حياة لم نعشها.
تلك الذكريات تحدد مساراتنا الفردية والجماعية، تحدد نوازعنا ومخاوفنا، تلك الذكريات تشكل جوهرا لصيقا بنا على الرغم من أنها لا تنتمي، فعليا، لنا.
يبتدأ الخلاص الفردي والجماعي أساسا من التخلص من مثل تلك الذكريات خاصة من الجزء المتعلق بالخوف. وكلما تلافينا نقاش ذكرياتنا التي ليست كذلك، كلما شدتنا إليها بحبائل سرية وبشبكات عنكبوتية وجعلتنا فرائس لها.
الخوف من الفاقة التي عاشها آباؤنا وأجدادنا في عام ” الجوع” وفي “عام البون” الخوف من ” السلطة” ومن ” المخزن” الذي عاشه الجيل الذي قبلنا والجيل الذي قبله وقبل قبله. ذكريات الهراوات والجراد و” ساليغان” و” النصارى” ووو
ثم ذكريات انتصارات في الزلاقة ووادي المخازن والهري وأنوال ووو، تشكل مزيجا من خوف ومن اعتداد بالنفس الفردية والجماعية، وتشكل عقبة لاستئناف نصر لم يستمر في الزمن. كل نصر قصير في الزمن هو مجرد هزيمة تم تلافيها.
هذا ما يشكل جوهرنا الآن وهو جوهر لا نناقشه إلا لماما ولذلك فهو يشكل عقبة كأداء لرسم معالم غد لا نعلم كيف نود أن يكونه.
هل نستأنف الحرب؟ ضد من؟ ضد الجوع والجهل والسلطوية؟ أم ضد الآخر؟ كلاهما متلازمان في دواخلنا ولذلك لا نحسم في شكل مستقبلنا.
الذكريات هي المستقبل، الماضي هو الآتي، والحاضر مجرد لحظة عبور بينهما. ليتني، ليتنا نسعى أن يكون غدا هو المستقبل واليوم هو فرصتنا لصنعه بأيدينا.هكذا كان الساوري يفكر وهو بصدد صياغة مذكرات رجل المخابرات….
جزء من رواية قادمة